آخر تحديث :الأربعاء - 22 يناير 2025 - 10:54 م

قضايا


أهذه الصورة من عدن .. لن نصدق!

الأربعاء - 22 يناير 2025 - 05:08 م بتوقيت عدن

أهذه الصورة من عدن .. لن نصدق!

يكتبها / جمال مسعود

هذه الصورة ليست مشهدا من مسلسل تلفزيوني أو فيلم تراجيدي مؤثر لواقع انساني مثير ، أن هذه الصورة وإن بدت مؤلمة ومؤثرة فهي مشهد في أحد أشهر وأرقى اسواق مدينة كريتر المدينة التجارية العتيقة والمشهورة على مستوى العالم ، وفي نفس الاحياء القريبة من منارة عدن التاريخية ومبنى رامبو المشهور مابين ملعب الحبيشي وساحة البنوك ، هذه الصورة في واحد من شوارع كريتر مديرية صيرة ، المدينة العتيقة ام المساكين التي يأوي إليها كل محتاج وفقير من كل فج عميق ، لا ليتسول فيها بل ليعيش فيها عزيزا مكرما ، إن لم يجد مايأكله فلن يجوع ، فالموائد تتنقل من باب الى باب لتصل إلى كل بيت من كل بيت ، الذي يمر في الشارع قريب الظهر يحل ضيفا عند اقرب بيت او دكان من حيثما يمر بجانبه .


عدن المدينة العتيقة التي لاتعرف المسكين والمحتاج يتسول فيها ، لأن عين الرعاية العدنية منتشرة في كل زقاق والايادي البيضاء تتلمس من لم يجد عائلا فتعيله وجائعا فتطعمه وعاريا فتكسيه

مؤلم ما أصاب عدن في الآونة الأخيرة ، وجيلنا تجرح أحاسيسه وتؤلم حشاشة فؤاده هذه المناظر وهو يقارب مابين الامس واليوم في عدن ، عدن التي اختلط فيها الحابل بالنابل فظهر فيها الثراء الفاحش والفقر المدقع كثر بسببه العالة والمعوزين ، عندما غابت العدالة وكثر فيها المفسدين.

هذه الصورة تتحدث عن واقع مؤلم ومرير يظهر بعضا مما تسرب إلى السطح وماخفي كان اعظم ففي البيوت مالم تظهر خفاياه ، هي صورة لوضع هو الاسوأ في تاريخ عدن عبر العصور في فقرها وجوعها ونوازلها ومجاعاتها ، لم تصل إلى ماوصلت إليه اليوم من كثرة المتسولين والمشردين وذوي الاحتياجات ، وقلة المتصدقين ، فحال الناس اقترب من بعضه ، لاترى الا العبرات تحتبس بين دموع لايقدر صاحبها على اخفاءها وهو يرى عظيم المشهد المأساوي في عدن

كان يحتشد الفقراء بعدن في منتصف رمضان في شوارعها ليسدوا حاجتهم بالزكوات والصدقات الرمضانية فقراء من كل مكان يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بأمان واطمئنان لايجدونه الا في عدن ليس تسولا مايقومون به سنويا وحاشاهم ، بل هو جمع للصدقات بكرامة وعزة لايهانون في بلد الطعام والكسوة والصدقة والابتسامة والكلمة الطيبة والفعل الحسن.


ماذا حل بعدن حتى افترش الفقر اركان الشوارع وعلى أبواب المحلات وفي الأزقة لغرض التسول من أجل لقمة العيش ، فانكسرت نفوس الشريفات العفيفات وكسرت الحاجة والعجز ظهر كم من كابر ابن كابر خذلته الحكومات والتحكمات في حقوقه وكده وتعبه دون اجر عزيز ، وقل مافي يد الجار والصديق والقريب والبعيد ، ونظر الناس إلى بعضهم البعض بعين الخائف من توالي الايام وتالياتها وتقلبات الأحوال في ظل الغلاء المعيشي وقلة مافي اليد بسبب الرواتب المقطوعة والمنقوصة والتي لاتسمن ولا تغني من جوع ، وخوف التاجر من تقلبات الأسعار وانهيار العملة ومخافة أن يدخل في دائرة الفقراء والمساكين بغير ذنب الا أن التلاعب بالميزان الاقتصادي لاينفك اللاعبون به أن يدمروا كل عمار وينشروا في البيوت المعمورة كل خراب .


من كان لا يعرف عدن من قبل ولم يعش في مدينة ام المساكين وايام عصورها الذهبية عليه الا يصدق ما يراه بعينه أو يسمعه بأذنه وان بدى واضحا المشهد المؤلم في الصورة ، فوالله ثم والله هذه ليست عدن ولن تكون عدن هكذا ولم تكن من قبل هكذا وهذه الصورة هي مشهد زائل حالة عرضية ، مرحلة وستنتهي ، غبارها سيزول قريبا مع الغوبة التي كانت تغطي أجواء عدن ايام الخريف ثم يأتي من بعدها صفاء الجو ونقاء سرائر أهل عدن وساكنيها


هذه الصورة ليست حقيقية في عدن فهي لقطة عابرة لا تعني ما ترسمه في اوجاعها.

نثق كثيرا بعد ثقتنا بالله أن هذه الصورة ستزول من عدن وستظهر بعد انقشاع الغمة الصورة الحقيقية والجميلة لعدن التي الفناها منذ كنا أطفالا صغار نأتي إلى الفقير بالطعام والصدقة قبل أن يدق باب منزلنا ولم نكن لنجد مثل هذه الصور المؤلمة منتشرة في الشوارع لكنها الظروف قاهرة وحتما ستزول وتعود عدن كما كانت مدينة عتيقة وام المساكين أيقونة البحر والجبل.