قال السياسي اليمني، والمتحدث السابق باسم ميليشيا الحوثي علي البخيتي، إن الحل الأمثل لإيقاف تهديدات الحوثيين على السفن وممرات التجارة الدولية، يكمن في تشكّل تحالف دولي واسع لإسقاط سلطتهم في صنعاء، وليس تأمين الملاحة البحرية لإسرائيل فقط.
وأشار البخيتي في حوار مع "إرم نيوز"، إلى أن اليمنيين لا يكترثون لما يفعله الحوثيون في البحر الأحمر، "ولم تشارك أي أطراف محلية ولا حتى إقليمية في التحالف الدولي الذي يسعى لتأمين الملاحة البحرية الإسرائيلية فحسب".
الحاجة إلى تحالف دولي
مبيّنًا أن على المجتمع الدولي تشكيل تحالف واسع، يكون شبيهًا بالتحالف الدولي الذي أنهى سلطة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، يهدف إلى إسقاط سلطة الحوثيين في صنعاء، وهو ما سيكون كفيلًا بإزالة خطرهم على الملاحة البحرية وعلى العالم وعلى اليمنيين أنفسهم.
وأضاف البخيتي، أن مثل هذا القرار سيثبت جدّية العالم في إيجاد حلّ جذري لمشكلة الحوثيين، "وبالتالي فإن اليمنيين ممثلين بالسلطات الشرعية والدول العربية والإقليمية سيشاركون في هذا التحالف، وستكون مشاركتهم آمنة".
وتابع: "ليس بالضرورة أن يكون هناك جنود أمريكيون ينزلون إلى الأراضي اليمنية، بل يكفي وجود غطاء جوي وقرار سياسي أمريكي ودعم مالي وعسكري من أسلحة وتدريب، مع الاستفادة مما توفره إمكانيات واشنطن الاستخبارية وقدراتها المتقدمة على صعيد الأقمار الصناعية، وسيتكفل اليمنيون والدول العربية بالمهمة، وسيكون ذلك سهلًا إن وجُدت الإرادة الحقيقية لدى المجتمع الدولي لتحقيق ذلك".
وقال إن قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة، تعدّ الفترة الأمثل لإنشاء مثل هذا التحالف الدولي، خاصة أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ، عُرف كرجل الصفقات، وبالتالي فإن بإمكان الشرعية اليمنية وحلفائها الإقليميين عقد صفقة معه لإسقاط سلطة ونفوذ الحوثيين، وإنهاء خطرهم الدولي المتصاعد.
تبييض الصورة والأزمة الداخلية
وفيما يتعلق بالتصعيد المتزايد بين ميليشيا الحوثي وإسرائيل، يرى البخيتي أن الحوثيين وجدوا في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فرصة لتبييض صورتهم وإبرازها أمام العالم، وللتغطية على فشلهم الداخلي.
وأشار إلى حجم الفشل الداخلي الذي يواجه الحوثيين في توفير أبسط الاحتياجات للناس في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، والإيفاء برواتب موظفي قطاعات الدولة الذين باتوا يعملون معهم، وبالتالي انخرطوا في عملياتهم العسكرية على إسرائيل للخروج من هذه الأزمة.
وذكر أن هناك الكثير من العرب والمسلمين "أصبحوا يؤيدون الحوثيين ويحبونهم، باعتبارهم الجماعة الوحيدة القادرة على مواجهة إسرائيل، بل أنه أصبح هناك تعاطف معهم في الدول الغربية من قبل بعض التيارات اليسارية والجماعات المناهضة لإسرائيل وجرائمها بحق الفلسطينيين، وهذا ما يجعل الحوثيين يصرّون على الاستمرار".
العلاقة مع طهران ومستقبل التوتر
وقال علي البخيتي، الذي استقال من عضويته في المجلس السياسي لدى ميليشيا الحوثي، مطلع العام 2015، إن "الحوثيين مستقلون عن ،إيران وهم أحد حلفائها السياسيين في المنطقة، وليسوا تابعين لها كالميليشيات العراقية".
وتابع مردفًا: "لكن طهران مستفيدة من تصعيد الحوثيين، بالذات بعد ما مرّ به حزب الله اللبناني من هزيمة، وسقوط نظام بشار الأسد، والضربات التي تلقتها حماس وجعلتها أشبه بالعاجزة، وبالتالي لم يعد لدى إيران من حليف في إطار ما يسمى بمحور المقاومة يتمكن من عمل بعض المشاغبات إلا حركة الحوثيين".
وأضاف أن الحوثيين يستفيدون كذلك من خلال لعب هذا الدور، "إذ يوجّه أغلب الدعم الإيراني الذي كان يذهب لبقية أطراف المحور إليهم، وهم يعلمون مدى إدراك واشنطن بأن إيران لا تسيطر على قرارهم، ولذلك لا تحملها المآلات الناتجة عن تصعيدهم ضد الملاحة الدولية، بعكس الرسائل الأمريكية الجادة وشديدة اللهجة، التي وُجهت لطهران بعد قيام الميليشيات العراقية بقصف القاعدة الأمريكية في الأراضي الأردنية، والتهديد بأن الانتقام سيطال حتى إيران".
وحول مستقبل التوترات المتصاعدة، أكد البخيتي أن الحوثيين سيواصلون استهداف إسرائيل وإعاقة حركة الملاحة البحرية والدولية، وشنّ هجمات ضد السفن في مضيق باب المندب والبحرين العربي والأحمر، "لأنهم في الحقيقة لم يدفعوا أي ثمن".
وأضاف أن العمليات العسكرية الأمريكية والبريطانية أو الهجمات الإسرائيلية، لم تؤثر في الحوثيين، ولم تمسّهم، "والقصف يطال مواقع عسكرية سبق أن قصفت أكثر من مرة خلال عمليات التحالف العربي، ولا وجود حقيقي لمعسكرات حوثية مكشوفة ومعروفة، وهذا مؤشر على عجز وفشل أمريكي وإسرائيلي في أخذ مخاطر الحوثيين بشدة، ورصد أهدافهم المؤلمة".
ولفت البخيتي إلى أن الحوثيين يخفون قدراتهم العسكرية النوعية في أنفاق ومنشآت تحت أرضية، بينما تتواجد قياداتهم على سطح الأرض، في منازل عادية، لكن في أماكن سرّية بمناطقهم الرئيسة في صعدة وضحيان، التي يأمنون مجتمعاتها المحلية، ويعتمدون على منظومتهم الأمنية المعقدة جدًّا في توفير الحماية لها.
أفق السلام المحلي
وبشأن العملية السياسية المحلية، التي جُمّدت حاليًّا عقب انخراط ميليشيا الحوثي في الصراع الإقليمي، يعتقد البخيتي أن الحوار مع الحوثيين دون كسر سلطتهم وسقوطها على الأقل في صنعاء والمنطقة المركزية، "مضيعة للوقت".
وأوضح أن الحوثيين "لن يسلموا صنعاء والمناطق الأخرى التي سيطروا عليها بالقوة ودفعوا من أجلها ثمنًا باهظًا، عن طريق الحوار".
واستدل بالمفاوضات الأممية مع الحوثيين والمتعلقة بالناقلة النفطية المتهالكة "صافر" لإزالة خطرها البيئي الكارثي على الدول المشاطئة في البحر الأحمر، والتي استمرت قرابة 7 سنوات، "ولم يسلموها إلا بعد أن دفع المجتمع الدولي ثمن الناقلة وثمن النفط المتبقي بداخلها.. فهل يعقل أن من فاوض 7 سنوات على سفينة، أن يسلم صنعاء؟".
وبحسب البخيتي، فإن التفاوض مع الحوثيين يجب أن يكون بعد إسقاطهم في صنعاء وعودتهم إلى معقلهم الرئيس في صعدة، "لأن مثل هذه الجماعات لا يمكن أن تذهب للسلام، إلا عندما تشعر بخطر وجودي عليها، وما دون ذلك فإن السلام بالنسبة لها مجرد تسويف ومماطلة واستثمار للوقت، حتى يسيطروا على مناطق جديدة أو حتى تتم أدلجة جزء جديد من الشباب".