الخردة في كل دول العالم تعتبر ثروة اقتصادية حيوية تدر موارد ضخمة للبلدان المصدرة وتحقق ميزة نسبية للبلدان الصناعية التي نجحت في تدوير الخردة واستغلالها اقتصاديا وتصدير الفائض حيث تبقى الخردة ارخص من استخراج الحديد .
في اليمن هناك ميزة نسبية لناحية تعاظم حجم الخردة :
ويعد استيراد السيارات المتقادمة بأنواعها والشاحنات ومكانن السيارات أحد أبرز مصادر الخردة ويتحمل الاقتصاد عبء استيراد قطع الغيار مما يحمل الدولة كلفة ضمنية يتعين استعادتها من خلال فرض ضرائب على الخردة .
كما أن الحروب المتكررة والمستمرة في اليمن تؤدي إلى تدمير المعدات العسكرية ولذلك هذا المصدر يعد المصادر المهمه للخردة وهو غير موجود في البلدان المستقرة وتتميز به اليمن والسودان الشقيق. .
كما أنه بالنظر إلى تخلف البنية التحتية في مجال الطرق في اليمن تحديدا ترتفع الحوادث المرورية وتتسبب هذه الحوادث في حصد الأرواح لكنها بالمقابل تشكل رافدا رئيسيا للخردة .عدا عن المصدر الكبير للخردة الذي يتمثل في مقالب القمامة حيث لايجري تدوير مخرجاتها لإنتاج الطاقة كما هو متبع في البلدان الأخرى .
فتح وإغلاق ؟
خلال العقود الماضية وحتى اليوم برزت حالة من القطع والتقاطع بين السماح بتصدير الخردة والمنع المتكرر للتصدير هذا الحال يتولد نتيجة لاتجاهات وضغوط تجار الخردة وأصحاب مصانع صناعة قوالب الحديد لكن يحدث ءلك في غياب السياسات الحكومية المسؤولة على تنمية موارد هذا القطاع بل يأتي في غياب استراتيجية للتعامل مع الخردة هذا المورد الاقتصادي الحيوي الهام .
أدى منع تصدير الخردة إلى ظهور أربعة مصانع تحويلية لصناعة قوالب الحديد في اليمن.
بني ذلك على فكرة الاستفادة من مخرجات الخردة عوضا عن تصديرها لكن في غياب دراسات عن اقتصاديات صناعة الحديد والتي كان يجب أن تتناول مدخلات المصانع من الخردة و الطاقة وكلفة الوحدة المنتجة ومدى توفر ميزة تنافسية للمنتج المحلي من حيث السعر والجودة.
وفي الفترة السابقة وفي سياق سياسة الدولة في دعم المشتقات النفطية عملت هذه المصانع بأريحية تقريبا حيث كانت تستخدم مدخل الديزل الرخيص في تزويد المولدات الكهربائية التابعة لمصانع الحديد على الرغم من محدودية المخرج من الطاقة الكهربائية النهائية مقارنة بالمحطات البخارية .لكن وعلى إثر رفع الدولة الدعم التدريجي لأسعار للمشتقات النفطية ومن بينها الديزل وتحريره لاحقا فقد تعرضت مصانع الحديدة لصدمة اقتصادية رفعت من كلف انتاج الوحدة الوحدة الواحدة ومعه عجزت المصانع على مواصلة عملها جاء ذلك في غياب سياسية حكومية لدعم ورعاية قطاع الصناعات التحويلية وقبل كل شيء تجاة مصانع الحديد .
وجاءت الحرب التي بدأت عام 2015 وأخرجت مصانع الحديد عن العمل في عدن ولحج والاخير وأقصد مصنع لحج للحديد دمر بالكامل وتوقفت المصانع الأخرى عن العمل ولم يتبق سواء مصنع الحديد في المكلا .
والمشكلة أنه لاتوجد بيانات متسلسلة و كاملة عن حجم الخردة المجمعه سنويا في اليمن وتلك المصدرة وقيمتها السنوية وعدد المشتغلين في مجال الخردة تساعد في الوقوف على وضع موارد الخردة وانما هناك بيانات متفرقة ومشتته وهو دليل على حاجة هذا القطاع إلى بنيه تنظيمية تؤدي هذه المهام هذا الوضع لايساعد اي اقتصادي على تحليل تطور موارد الخردة ولا يوفر بيانات عن عدد المشتغلين فيه ولا عن حجم الآثار الاجتماعية ولا عن حجم الخردة وقيمتها التي تستخدمها مصانع انتاج قوالب الحديد ناهيك عن حجم منتجات هذه المصانع اذا ما استثنياء بعض البيانات التي يوفرها مصنع المكلا لإنتاج الحديد.
لكن علينا أن نحتسب الأثر الذي يتسبب به منع/ أو السماح بتصدير الخردة على الغلابا من الناس المجمعين الصغار للخردة حيث يقومون المشترتيين المحليين بابتخاس صغار المجمعين فإذا كان الطن على سبيل المثال كان يباع بمبلغ 1200ريال سعودي في ظروف السماح بالتصدير فإنهم باتوا يشترون الطن بثلاث مائة ريال اونحو ذلك هذا الحال اغرى أصحاب المصانع في فترات مختلفة على الاتجار بالخرده وذهب بهم بعيدا ..
لست مع منع تصدير الخردة كليا:
من السهل اتخاذ قرار إداري بمنع تصدير الخردة استجابة لضغوط أصحاب المصانع أو المساهمين لكن على هذه الجهات التي تصدر القرار أن تبرر اسباب منع التصدير واحتساب الأثر الاقتصادي والمالي والبيئي للقرار على مستوى الاقتصاد الجزئي وعلى مستوى الاقتصاد الكلي بعد دراسة تكلفة الفرصة البديلة وعلى هذه إلزام الوحدة الاقتصادية بشراء طن الخردة بالسعر العالمي أو قريب منه. والحرص على عدم تضرر المجمعين الصغار للخردة من الغلاباء وهم الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع .
غير ان قرار المنع الكامل لتصدير الخردة هذه المرة أراه قرارا غير سليم ولاصحيح من الوجهة الاقتصادية وفي هذا السياق يجب على الجهة الحكومية التدقيق في احتياجات مصانع الحديد المحلية من الخرده ( مصنع المكلا لإنتاج الحديد على سبيل المثال ) والسماح بتصدير الفائض .
والخلاصة ولكي يتم الاستغلال الأمثل للخردة فإنه يتعين كما أشير في ورشة الخردة التي عقدة اليوم الثلاثاء الموافق 7يناير 2025 إصدار تشريع ينظم تجميع واستخدام وتصدير الخردة ومن ناحية أخرى يجب إيجاد إطار تنظيمي مؤسسي تناط به الاشراف على عمليات الخردة وجمع البيانات والاحصائيات بشكل مستدام وهنا أما أن تكون هذه الجهة التنظيمية هيئة تنشأ بقرار جمهوري أو يكون هذا الإطار التنظيمي عبارة اتحاد تجار ومجمع ومستخدمي الخردة يتم الترخيص بشأنه عبر النظم المتبعة.
7يناير 2025