آخر تحديث :الجمعة - 10 يناير 2025 - 08:15 ص

كتابات


إضراب المعلمين .. أسباب الخذلان وعدم تحقيق المطالب

الخميس - 09 يناير 2025 - 08:46 م بتوقيت عدن

إضراب المعلمين .. أسباب الخذلان وعدم تحقيق المطالب

كتب / د. إياد المشرحي.

مما لاشك فيه أن إضراب المعلمين حق مشروع لهم، وهذا قد كفله الدستور، وذلك كأبسط رد فعل يقوم به للمطالبة بحقوقه ومستحقاته نظير ما يقدمه من واجب وعمل يتطلب منه جهداً كبيراً منذ الصباح وحتى الظهيرة، ولكن المعلم وجد نفسه محاصراً في زاوية التجاهل.... لاسيما أمام ما يمارس عليه من ضغوطات ومتطلبات حياته اليومية والتزاماته تجاه أسرته التي يعيلها، وفي ظل وجود راتب زهيد لايفيه حقه ،وقف المعلم عاجزاً أمام تلبية حاجاته الأساسية التي تستقيم عليها حياته وحياة أفراد أسرته.

وبما أن راتب المعلم هو الآخر يقف في معركة فتحت ذراعيها أمام غلاء الأسعار وارتفاع سعر الصرف، فقد وجد المعلم نفسه عاجزاً في مواجهة هذه الحرب، في ظل تواجد حكومة لا تبالي بحال المعلم، وفضلت مصالحها الشخصية على مصالح، المجتمع، فما كان من المعلم إلا أن يلجأ إلى ابسط حق مشروع له كالدعوة إلى الإضراب كحق مشروع له يستطيع من، خلاله انتزاع حقوقه، والضغط على الحكومة للنظر في مطالبه، وتحسين وضعه... المعيشي

لكن هناك أسباب حالت دون تحقيق مطالب المعلم، وأدت إلى خذلانه وكسر دعواته المتتالية إلى الإضراب كأبسط حل وأقرب طريق لانتزاع حقوقه .... وبدلاً من أن يجد المعلم تجاوباً من قبل المجتمع للوقوف معه... وجد نفسه يقف في خذلان دائم ومستمر....


ولعل من أهم مسببات فشل الإضرابات التي يدعو إليها المعلمون تعود إلى الآتي:


1- إن النقابات التي وكلت نفسها كجهة مسؤولة عن تبني قضايا المعلمين غير جديرة بأن تتبنى مثل هذه القضايا ويعود ذلك للأسباب الآتية :


أ- إن معظم القيادات التي اعتلت كراسي النقابة غير مؤهلة، ولاتع المهام المنوطة بها.


ب- إن صعود أعضاء، النقابة إلى، مواقعها لم تأت من انتخابات تنطلق في سلم بناء هرميتها من الأسفل إلى الأعلى...على النحو الاتي :

*- أن يتم انتخاب عضوين من كل مدرسة بشفافية. وإنما فرض كل مدير مدرسة نفسه كمفوض عمن يديرهم.

*- لم يجتمع أعضاء المدارس المنتخبة في كل مدرسة لانتخاب نقابة المديرية ومن ثم انتخاب وترشيح من، يمثل نقابة المديرية إلى المحافظة.

*- لم يتم لم أعضاء المديريات المنتخبة انتخاب قيادة للنقابة للمحافظة.

*- لم يقم أعضاء نقابات المحافظة بترشيح وانتخاب قيادة للنقابة في المحافظات المحررة. وإنما كانت انتخابات هوشلية وطعبلة وكلفته...


ج- كانت الطريقة التي تم فيها اختيار أعضاء النقابة عشوائية، تسلق فيها المتشعبطين قمة هرم النقابة، مع أن كثير من هؤلاء الأعضاء كان أكثر هروباً من المدارس وغارقاً في الفساد في مدارسهم، وغير مرحب بهم.


د- إن كثيراً من أعضاء النقابة بمجرد لقائه بالجهات المسؤولة يقدم مصلحته الشخصية على مصالح من يمثلهم من المعلمين، ويسقط أمام أبسط مايقدم له من إغراءات وحوافز، وذلك مقابل كسره للإضراب.


هـ - إن كثيراً ممن تربع مقاعد النقابة لا تهمه مصالح المعلم بقدر ماتهمه مصلحته، فتجده يحب الظهور والشهرة، والتعرف على الجهات المسؤولة في الوزارة، ومع أول وعد لهذا المتشعبط بتسويه وضعه وإعطائه منصب، تجده ينقلب على لائحة النقابة، ومشاريعها بل ويتغافل عن،مطالب،المعلمين ويحاربهم.


2- من أسباب فشل الإضراب احتقار المجتمع للمعلم والنظرة إليه بدونية، وذلك للأسباب الآتية:

أ- إن مهنة التدريس لم تعد مقدسة في المجتمع ، وبات النظر إليها ذات قصور في الرؤيا، وبدل من أن يكون أولياء الأمور عوناً للمعلم، باتوا يشجعوا أبناءهم على المعلم، وإذا ماحصلت، مشكلة بين، معلم، وطالب تجد قلة من أولياء الأمور من يقف مع المعلم، وعلى العكس من ذلك فقد تجد كثيراً من أولياء الأمور من يتهجم ويتلفظ على المعلم بالفاظ غير سوية، مما قد يعزز من احتقار المعلم وتقزيمة أمام الطلاب،وهذا ما يجعل دور المعلم مغيب.

ب- تبلور رؤية المعلم لحال المعلم ومكانته، مقارنة بالمهن الأخرى كالطب والهندسة وغيرها... جعل من المجتمع يقدس هذه المهن من منظور ما تقدمه وتدر عليه من دخل مادي، محط نظر ومقدم على مهنة التعليم.


ج- بسبب الظروف التي يعيشها المعلم وتهميش الدولة له، جعل المجتمع يذهب بأفكاره إلى توجيه أولادهم إلى التخصصات التي تدر عليهم دخلاً ، مما قد يجنبهم الوقوع في المنزلق الذي وقع فيه المعلمين.


3- قلة الراتب، بسبب قلة الراتب دفع كثيراً من المعلمين للبحث عن بدائل متعددة، منها الآتي:


أ- بسبب قلة الراتب ذهب كثيراً من المدرسين إلى عقد اتفاقات مع مدراء المدارس إلى أن يبحث المدير عن بديل للمعلم الموظف رسمياً ،بأن يأخذ المعلم البديل نصف الراتب والنصف الآخر يتم اقتصاص مبلغ بسيط منه للمدير ويعود الباقي للمعلم الموظف الرسمي.. مثلاً كأن يكون الراتب 60 الف يأخذ البديل ثلاثين ألفاً ،ويأخذ المدير عشرة ألف وعشرون تعود للمعلم الموظف.

ب- بحكم حاجة البديل للمال ولاسيما أن معظم البدائل بنات، فإنه ليس من مصلحة البديل والمدير أن يتم الأضراب لأن المعلم الموظف رسمياً ،سيأخذ راتبه كاملاً ولن يأخذ المدير والبديل مستحقاتهم من راتب المعلم الموظف،لذا فإن نجاح الإضراب ليس من مصلحة المدير والبديل.


ج- بحكم أن معظم المدراء أعضاء في النقابة، فإن بقاءهم في الإدارات التي يشغلونها سيساعدهم على كسر الإضرابات وذلك رعاية وحفاظاً على مصالحهم،،لكي يستمر المعلمون الرسميون بضخ أقساط ممايدفعونه للمدراء، ولهذا فإن معظم أعضاء النقابات غير مؤهلين وجديرين بحمل مسؤولية وأمانة النقابة..


د.- إن كثيراً من مدراء المدارس بمجرد مايحصلون على إغراءات سواء أكانت من مدراء التربية أو تجار من قبيل الحرص على تعليم ابناءهم... ويدفعون مبالغ للمدير بحجة كسر الإضراب فتجد المدير يستغل حاجة المعلم فيمنحه مبلغ أو نصف سلة وبستأثر لنفسه بنصيب الأسد.


4- واقع المعلم وقلة راتبة، وتوقف التوظيف أدى إلى الآتي :


أ- بسبب ما يمر به المعلم من تهميش دفع كثيراً من الشباب إلى العزوف عن الالتحاق بكليات التربية والتوجه إلى غيرها من الكليات.


ب- توقف التوظيف وتراكم الخريجين دفع كثيراً من الشباب إلى الالتحاق بالسرك العسكري كون مايدفع إليها عادة مايكون بالريال السعودي، وهذا يعد أفضل بكثير مما يحصل عليه المعلم، فبات كثيراً من الشباب يفضلون الجيش عن كليات التربية.


ج - التحاق كثير من المعلمين بالجيش وتركهم مهنة التعليم للبدلاء... سعياً وراء مدخول العملة، جعل من الشباب أكثر نفوراً من التعليم.. لاسيما بعد أن يرى قدوته ومن معلمه قد ترك مهنته وذهب للسرك العسكري ولهذا فقد أصبح البديل يسعى لكسر الإضراب.


5- توقف التوظيف أضعف من مكانة المعلم وجعل قرارات دعواته للإضراب فاشلة. وذلك للأسباب الآتية:


ا- توقف التوظيف، جعل عدداً كبيراً من المعلمين الخريجين يبحثون عن تعاقدات في مجمل المدارس.


ب- إحالة كثير من المعلمين إلى التقاعد، ومرض وإصابة كثير من المعلمين بحالات نفسية، او امراض مستعصية، أدى إلى قلة حضور المعلم الموظف رسمياً في المدارس، وهو مادفع كثير من القرى إلى تاسيس صندوق لدعم المعلم، وإبرام تعاقدات مع الوجوه الشابة، وبرواتب تتجاوز راتب الموظف الأساسي، مما أدى هذا إلى إفشال إضراب المعلمين، وذلك بحجة أن المدارس باتت شبه تعليم خاص وإن الدولة لا تدفع رواتب... فبات صوت المعلم المعين رسمياً ضعيفاً أمام هيمنة التعاقد مع المعلمين الغير موظفين والذين باتوا يشكلون غالبية الطاقم.

هذا غيض من فيض..

د. إياد المشرحي.