آخر تحديث :الخميس - 02 يناير 2025 - 07:56 م

كتابات واقلام


العودة لنقطة البداية!

الإثنين - 30 ديسمبر 2024 - الساعة 06:08 م

منصور الصبيحي
بقلم: منصور الصبيحي - ارشيف الكاتب


من الواضح أنّ في الأيام الأخيرة باتّ ينتاب المملكة العربية السعودية قدرًا كبيرًا من السكون المفعم بالإحباط والمرارة تجاه الملف اليمني، وبالتحديد من بعد لقاء الرياض الذي جمع سفيرها وعدد من السفراء الدوليين بالمجلس الرئاسي المنضوي تحت لواءها، وعلى إثر الإشارات التي تلقتها من الحوثيين عن طريق المبعوث الدولي باستعدادهم للموافقة مبدأيًّا على بنود خارطة الطريق، مما احيا لديها الأمل والعزم عن قرب التوصّل لاتفاق خطّه يدها ينهي حرب دام عقدًا من الزمان، بما يتيح لها فرصة التحلل من المشهد العسكري جزئيّا والتحوّل إلى السياسي، إلا لتكتشف بأنها أمام حاجز صد جديد تصنعه الجماعة الحوثية نفسها، اكبر من مصداتها السابقة التي اعتادت على صنعها مرارًا وتكرارًا في طريق السلام، وبالإبقاء على وضعها من الهجمات في البحر الأحمر وإسرائيل بحجة مؤازة الشعب الفلسطيني في غزة.

ويعتبر ذلك كمحاولة أخيرة من قبلها استباقًا لعودة ترمب للبيت الأبيض، والذي من المرجّح أنّه سيقوم من توّه بتشديد الخناق عليهم الحوثيين، وخشية لما قد تسفر عنه المواجهات من عمل عسكري واسع النطاق قد يدوم لأشهر وربما سنوات، يفضي في النهاية لإقامة معسكرات وقواعد على الأرض تستقطب إليها المقاتلين والمرتزقة من كل حدبٍ وصوب. وأمرًا كهذا لو حصل تبعاته بالتأكيد لن تنحصر على الداخل اليمني بمفرده وستتمدد لما هو أبعد منه متجاوزة إلى العمق الإقليمي العربي، ما من شأنه قد يضغط ويجبر السعودية، وبمقابل الإمساك بزمام المبادرة على حدودها الجنوبية حفاظا على أمنها واستقرارها من التدهور، للمقايضة بملفات أخرى تعد اكثر حساسية ولا ترغب هي المساس بها والتنازل عنها، كونها من ناحية صاحبة الريادة في المنطقة ومن ناحية أخرى يعتبر أي تراجع إزاءها بمثابة ضربة قاسمة للأمن القومي العربي، دواعيه لن تقف عند حدود زمنية معينة وستنتقل من جيلنا الحالي لأجيال متلاحقة.

فناتج ما يعانيه المواطن اليمني من يأس وما يواجهه من ظروف قاسية ومن اضطهاد وملاحقة في حياته المعيشية، ولا من شعاع يلوح في الأفق ومازال ديجور الظلام مخيّمٌا بقوّة عليه، وكل يوم ما يراه من حوله إلّا يزداد حلكًا واتساعًا، بالتأكيد أنه سيأخذ الفكرة على محمل الجد، وهذا ليس لأنّها تتوافق مع هواه، أو يتوقّع فيها طوق النجاة، ولكن في ظل الانسداد السياسي مع العجز التام عن الحسم عسكريًا أو سلميًا لأحد الأطراف، ما باليد حيلة لديه من الاستجابة لها، بظن فيها الدليل الذي يقوده خلسة لمغادرة النفق متجاوزًا الجميع.

فالواضح والبيّن أن السعودية وحلفاؤها المعتمدين صاروا اليوم يتهربون او بالأحرى يرفضون مطلب أمريكا من اجتياح صنعاء وتحرير بقية أراضي الشمال بالقوة، وهذا ليس كما يتوهّم البعض ويعتقد أنها بسبب الصواريخ والتكونلوجيا التي باتت تمتلكها الجماعة إلى جانب التحشيدات البشرية الهائلة، لكنها ما هي إلّا سوى الخشية من مشاريع برزت باكرًا ثم ما لبثت وهي تحرز الانتصارات تلو الانتصارات إلا وانزوت فجئة في غياهب الصراع مكسورة الخاطر، وعلى وقع الحدث قد تنهض من سباتها تتابع تقدمها من جديد، مستغلّة الظرف والفراغ الذي سينتج عن ضعف الجماعة وتشتتها، ليجد أولئك أنفسهم مجبرين العودة معها إلى نقطة البداية.