آخر تحديث :الجمعة - 03 يناير 2025 - 11:38 م

كتابات واقلام


سياسات إخضاع الشعوب والحكومات ... قراءة في المشهد اليمني

الثلاثاء - 31 ديسمبر 2024 - الساعة 09:03 ص

د/ عارف محمد عباد السقاف
بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف - ارشيف الكاتب




إن ما نشهده اليوم في اليمن من تدهور اقتصادي وانعدام للأمن والاستقرار لا يمكن فهمه بمعزل عن سياسات دولية وإقليمية تهدف إلى إضعاف الدولة اليمنية وشل قدرتها على إدارة شؤونها. هذه السياسات تستند إلى أدوات متعددة ومتنوعة، منها تجفيف مصادر الإيرادات العامة، نشر الفوضى، وفرض أجندات خارجية على حساب مصالح الشعب اليمني.
إن من أبرز أدوات السيطرة على اليمن هو استهداف مصادر الإيرادات العامة، مثل وقف تصدير النفط والغاز و وقف عمل الموانئ والمصافي. يمنع تشغيل الموانئ الحيوية والمصافي النفطية التي تمثل شريان الحياة للاقتصاد اليمني، ما يؤدي إلى عجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب.
هذا الوضع يخلق بيئة مناسبة لفرض حالة "اللادولة"، حيث يصبح البلد عاجزا عن تأمين أبسط حقوق مواطنيه، مثل الغذاء والكهرباء والمياه، مما يدفع قطاعات واسعة من الشعب إلى القبول بأي حل يأتي من الخارج، مهما كانت شروطه مجحفة.
نشر المجاعة والفقر ليس مجرد نتيجة عرضية للحرب والصراعات، بل هو هدف استراتيجي ضمن أجندة عالمية تديرها قوى تسعى لإخضاع الشعوب. هذه الأجندة تعتمد على خلق أزمات معيشية حادة تدفع الناس إلى الانشغال بالبقاء على قيد الحياة بدلاً من التفكير في مقاومة الظلم والاستبداد.
في اليمن، تم توظيف أدوات متعددة لتحقيق هذا الهدف، منها تعطيل الإنتاج الزراعي، تدمير البنية التحتية، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، مما يترك الملايين على حافة الجوع.

إن أخطر ما يمكن أن تواجهه الشعوب هو خيانة الحاكم لقضيته الوطنية. عندما يقبل الحاكم أن يكون أداة بيد قوى خارجية تسعى إلى تحقيق مصالحها على حساب شعبه، فإن ذلك يعد خيانة عظمى.
منع تشغيل المصافي والموانئ، الصمت تجاه الفوضى، والامتناع عن اتخاذ مواقف صريحة لحماية البلاد كلها مظاهر لهذه الخيانة. فالحاكم الذي لا يعبر عن مصلحة شعبه، ويضع مصالح القوى الخارجية فوق مصلحة وطنه، يفقد شرعيته الأخلاقية والسياسية.
الوضع الحالي لم يعد يحتمل الانتظار. معاناة الشعب اليمني وصلت إلى حد لا يطاق، والسكوت عن هذه الأوضاع يعني قبولا ضمنيا بالواقع المفروض.
هناك حاجة ماسة لتحرك شعبي واسع يعيد المياه إلى مجاريها، ويضغط على جميع الأطراف لإنهاء هذه السياسات المدمرة. هذا التحرك يجب أن يكون منظما وسلميا، يستند إلى وعي حقيقي بأبعاد المشكلة، ويركز على استعادة سيادة الدولة وحقوق شعبها.
ويجب أن يكون التحرك على النحو التالي:
1. توعية الجماهير ... نشر الوعي حول أسباب الأزمة الحقيقية وأطرافها، بعيدا عن التضليل الإعلامي.
2. التنسيق بين القوى الوطنية ... توحيد الصفوف بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية للضغط على الأطراف المتورطة.
3. المطالبة بالشفافية والمحاسبة ... تحميل المسؤولين عن الوضع الحالي مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية.
4. إطلاق مبادرات تنموية ... تشجيع المبادرات المحلية التي تعزز الاعتماد على الذات وتقلل من تأثير الأزمات.
ما يجري في اليمن ليس مجرد صراع داخلي، بل هو جزء من مخطط أوسع لإخضاع الشعوب والحكومات. الرد على هذه السياسات يتطلب وعيا شعبيا وتحركا جادا يضع حدا لهذه الأجندات ويعيد للشعب اليمني كرامته وحقه في العيش الكريم.