آخر تحديث :الأحد - 19 يناير 2025 - 09:59 م

كتابات واقلام


التاريخ يعيد نفسه في الشام

الأحد - 19 يناير 2025 - الساعة 08:07 م

د.عارف الكلدي
بقلم: د.عارف الكلدي - ارشيف الكاتب


بعد معركة اليرموك التي انتصر فيها العرب بقيادة خالد بن الوليد على الروم وقف "هرقل" قيصر الروم الذي كان في زيارة مطولة للشام على قمة من القمم ولعلها جبل قاسيون المطل على دمشق ثم قال: "وداعا يا سوريا، أرض العرب للعرب".

هرقل هذا هو قيصر الإمبراطورية الرومانية الشرقيه ذات المذهب الآرثوذكسي، التي عُمقها روسيا وأوكرانيا وعاصمتها اسطنبول، وليس قيصر روما الجنوبية ذات المذهب الكاثوليكي التي عاصمتها روما، وعمقها الأساسي بعد إيطاليا: فرنسا وإسبانيا والبرتغال.

في اتفاقية سايكس بيكو كانت سوريا من نصيب أوروبا الجنوبية ممثلة بفرنسا، ولكنها فقدتها بعد الحرب العالمية الثانية لصالح روسيا السوفيتية، وبعد انهيار حلفاء روسيا على الأرض وهم الفرس وأتباعهم في لبنان كانت فرنسا بالإضافة إلى إيطاليا وإسبانيا وبالتنسيق مع أمريكا وبريطانيا تعد نفسها لاستعادة النفوذ في سوريا وفق خارطة سايكس بيكو، فليس من سبيل الصدفة أن تكون إيطاليا هي أول دولة أوروبية تفتح سفارتها في دمشق قبل زوال الأسد، وأن فرنسا وإسبانيا كانتا تعدان نفسيهما لاستئناف سفارتيهما.

بوتين حفيد هرقل بعد أن رأى طلائع أحفاد جنود وقادة معركة اليرموك تقترب من دمشق قال نفس مضمون كلمة جده: "وداعا يا سوريا، أرض العرب للعرب" فلتكن للعرب أفضل من أن تكون للمنافس الأوروبي، وهو يدرك تماما أن دخول منافسيه في صراع مع العرب المتحالفين مع الأتراك سيستنزفهم أيما استنزاف.

لا أظن أن أوروبا الجنوبية مؤهلة لأن تعيد استعمارها في الوطن العربي، فهي دول يزداد ضعفها سنة بعد سنة، لكن أوروبا ذات التاثير الأكبر هي أوروبا الانجلوسكسونية ذات الدين البروتستانتي المتمثله حاليا في أمريكا بدرجه أساسيه ثم بريطانيا ومن خلفهم كندا واستراليا ونيوزليندة.

هؤلاء وبموجب فلسفتهم البراجماتية يفكرون بحساب الفائدة والخسارة، وعلى المدى الاستراتيجي البعيد يدركون تماما أن تكلفة الاستمرار في استعمار الوطن العربي وتحمل تكاليف إس را ئيل المادية والأخلاقية ستستنزفهم رويدا رويدا حتى الإفلاس المادي والأخلاقي.. ولهذا فإنهم يتطلعون إلى براجماتية عربية تلتقي معهم في منتصف الطريق، وهذا ما يبدو أن قيادة سوريا الحالية تدركه أيضا، وتدركه تماما المملكة العربية السعودية.
د. عارف عبد