يدخل اليمنيون العام الجديد 2025، برؤى وأمنيات متفاوتة، اختلفت ما بين التفاؤل من جهة، وبين قتامة الوضع القادم من جهة أخرى، بناءً على معطيات الأحداث الإقليمية والمحلية.
"العين الإخبارية" التقت عددًا من المسؤولين والإعلاميين، والناشطين المجتمعيين اليمنيين والشخصيات المحلية المعروفة، واستطلعت آراءهم ونظرتهم للعام الجديد 2025 في اليمن.
عام السلام والخدمات
يرى وكيل وزارة الصحة العامة والسكان بالحكومة اليمنية، الدكتور سالم الشبحي، أن عام 2025 سيكون عامًا للسلام والأمان والاطمئنان، متوقعا أن يشهد هذا العام "تفاهما سياسيا لإيجاد حل لقضية شعبنا، وإنهاء الحروب، وأن يعم السلام بلادنا والأمة العربية والإسلامية".
وقال الدكتور الشبحي لـ"العين الإخبارية": "كما نتمنى في هذا العام عودة دولة النظام والقانون والمساواة، وأن يعود العمل المؤسسي، وتستأنف جميع الهيئات والمرافق عملها الطبيعي".
وتمنى المسؤول الحكومي أن يعم الخير وتنتعش الخدمات، وبالذات في القطاعات التعليمية والصحية، بالإضافة إلى افتتاح باب التوظيف وإحالة المتقاعدين للمعاشات واستيعاب دماء جديدة من الشباب في مرافق الدولة.
كما تمنى معالجة مسألة الأجور والمرتبات بما يتناسب وسعر العملة، وتسوية الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتحسين الخدمات من الكهرباء والمياه، مستدركا: لكن كل هذا مرهون بإنهاء الحرب التي هي السبب في كل هذه المشكلات، واستمرارها يحول دون تطور البلاد واستقرارها، بحسب الدكتور الشبحي.
عام الفرص ونسيان الحرب
من جانبه، يقول المدير الإقليمي لمركز south 24 للدراسات والأخبار، يعقوب السفياني، إن اليمنيين يستقبلون عام 2025، بكثير من الجراح والآلام؛ بسبب إرث الماضي القريب، وإرث الحرب التي تمزق بلادنا منذ قرابة عشر سنوات.
وعبر السفياني لـ"العين الإخبارية" عن أمله في أن يكون هذا العام عام سلام؛ للملمة الشتات وترميم الجروح ومعالجة المشكلات، وتحقيق تقدم حقيقي في المسار السياسي للأزمة اليمنية.
وأضاف: ما لا نأمله في عام 2025 هي عودة الحرب التي انطفأت إلى حد ما منذ أبريل/نيسان عام 2022، عندما توصلت الأطراف لهدنة الأممية، وحتى بعد انتهاء الهدنة، استمرت الحالة الإيجابية من خفض التصعيد، نراها اليوم تتلاشى شيئا فشيئا؛ بسبب التصعيد في الجبهات؛ وبسبب المتغيرات الإقليمية وانخراط اليمن في أتون صراع إقليمي للأسف.
السفياني يصف عام 2025 بأنه عام الفرص، لكن هذه الفرص ليست بضرورة الحال إيجابية، فهناك فرص للسلام وإنهاء الحرب، وهناك فرص لإنهاء معاناة اليمنيين، وفرص أمام الأطراف السياسية للعمل كي يتخلص اليمنيون من هذه الكارثة.
ويواصل: لكن في المقابل، ترى بعض الأطراف أن عام 2025 فرصة لاستئناف الحرب، وفرص لتحقيق المزيد من المكاسب المعمدة بالدم، وفرص لاستثمار حالة الاستقطاب الإقليمي والدولي، وهذه الفرص مدمرة ونتمنى ألا يتم اغتنامها من أي طرف كان.
عام التغيير
رئيس تحرير صحيفة وموقع "المنتصف" اليمنية، الإعلامي نزار الخالد، يشير إلى أن اليمنيين يتوقعون أن يروا بلادهم في عام 2025 بعيدةً عن الصراعات والحروب التي عصفت بها لسنوات طويلة، ويأملون في أن يتمكنوا من الخلاص من احتلال إيران لجزء من الأراضي اليمنية، وذراعها الإجرامية، مليشيات الحوثي الإرهابية، التي زرعت الفوضى والدمار في البلاد.
ويتوقع نزار الخالد، الذي يشغل أيضا منصب مساعد رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية، رئيس اتحاد الاعلاميين الأفريقي الآسيوي، أن يحقق اليمن تحسنا اقتصاديا ملموسا بحلول عام 2025، حيث يعيش اليمنيون ظروفا اقتصادية صعبة جراء الحرب والحصار الاقتصادي، كما يتوقعون رؤية نمو اقتصادي وزيادة فرص العمل وتحسين مستوى معيشتهم.
بالإضافة إلى ذلك، يأمل اليمنيون -بحسب الخالد- رؤية بلادهم تحقق الاستقرار السياسي والأمني، حيث يعاني اليمن من انقسامات سياسية وصراعات داخلية منذ فترة طويلة، كما يتطلعون إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتضمن استقرارا وسلاما دائما.
وبشكل عام، يتمنى اليمنيون أن يكون عام 2025 عاما للتغيير والتحول نحو مستقبل أفضل، بحيث يعيشون في بلد يسوده السلام والاستقرار ويتمتعون بفرص متساوية وحياة كريمة لجميع أفراد المجتمع، وفقا لحديث الخالد مع "العين الإخبارية".
العام الأقل تفاؤلا
في المقابل، يعتقد رئيس تحرير موقع وصحيفة "عدن الغد" الإعلامي فتحي بن لزرق، أن قطاعا كبيرا من اليمنيين ينظرون إلى عام 2025، بأنه العام الأقل تفاؤلا بالنسبة للسلام واستقرار الأوضاع، خصوصا مع الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت البنية التحتية في اليمن، وتراجع فرص السلام بشكل كبير.
ويقول بن لزرق لـ"العين الإخبارية"، إن الأعوام الثلاثة الماضية كانت أعواما مليئة بالتفاؤل في وصول اليمن إلى طريق السلام، لكن مع التطورات الإقليمية الأخيرة وتأثيرها على الأزمة اليمنية، فإن احتمالية تحقيق السلام باتت أقل، للأسف الشديد.
ويواصل: وبالتالي فإن المشهد في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ومناطق سيطرة مليشيات الحوثي تبدو أكثر قتامة، ففي مناطق الشرعية هناك أزمة اقتصادية وانهيار الصرف وتوقف صرف المرتبات، وعجز الحكومة عن الإيفاء بالتزامات الخدمية، وكل ذلك يلقي بظلاله على الوضع العام.
أما في مناطق سيطرة الحوثيين، هناك الرغبة في العودة إلى مربع الحرب، في ظل الضربات الإسرائيلية، والتي من المؤكد أنها تؤثر بشكل كبير في حياة اليمنيين، بحسب بن لزرق.
ويختم بن لزرق حديثه: لهذا نستطيع القول إن العام 2025 لا يبدو أنه عام سلام في اليمن، ولا يبدو أنه عام تفاؤل، إلا إذا كانت هناك معركة خاطفة ضد مليشيات الحوثي تنتهي بدحرها، عندها يمكننا القول إن السلام سيتحقق في اليمن.
غياب الخدمات
من جهته، لا يتوقع مدير عام إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة التعليم العالي اليمنية، الإعلامي زايد بن شهاب، أن يكون عام 2025 أحسن من الذي قبله، عطفا على واقع تغيب عنه الخدمات الأساسية.
ويتابع بن شهاب حديثه مع "العين الإخبارية"، قائلا: ليست نظرة تشاؤم، ولكن لا توجد مؤشرات تلوح في الأفق نحو التغيير للأفضل، ففي عدن استقبلنا العام بانقطاع للتيار الكهربائي لمدة 14 ساعة مقابل ساعتي تشغيل فقط.
ويضيف: أبناؤنا في التعليم الأساسي مدارسهم مغلقة بسبب إضراب المعلمين المطالبين بصرف مرتباتهم، ورواتب آخر شهرين لم تصرف، هكذا نستقبل عامنا الجديد بلمحة بسيطة من المآسي التي أرهقت كاهل المواطنين، لكننا نتمنى أن يحدث الله في هذا العام أمرا يساعد على تحسين الأوضاع.