دخلت قيادة السلطة الشرعية اليمنية في ما يشبه سباقا ضدّ الساعة لتطويق توتّر كبير في محافظة حضرموت بشرق البلاد كان تصاعد بشكل لافت خلال الأيام الماضية حتّى أصبح على أعتاب المواجهة المسلّحة بين السلطة المعترف بها دوليا والقبائل المحلّية المطالبة بحسن التصرّف في موارد المحافظة وتوظيفها في تحسين أوضاع سكّانها اجتماعيا وخدميا.
وأقر مجلس القيادة برئاسة رشاد العليمي خطة لـ”تطبيع الأوضاع في حضرموت” تضمنت عدّة نقاط تمثّل استجابة لأبرز مطالب حلف قبائل حضرموت الخدمية والاجتماعية مع استثناء مطلبها السياسي بالحكم الذاتي، وتمّ تذييل تلك النقاط باشتراط إنهاء الاحتجاجات كضمان لتطبيقها.
وجاء هذا التحرّك غداة اتهام الحلف المذكور لقوات من المنطقة العسكرية الثانية باستهداف موقع له بغرب مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت، الأمر الذي أثار مخاوف حقيقية من تفجّر الوضع وتحوّل الاحتجاجات التي يؤطرها حلف القبائل ويدعمها مؤتمر حضرموت الجامع إلى صدام مسلّح خصوصا وأنّ تلك الاحتجاجات تدرّجت بالفعل نحو السيطرة على طرق نقل النفط والمعادن ومنع توزيعها وتسويقها مرورا بالمطالبة بالحكم الذاتي في المحافظة ووصولا إلى الإعلان عن بدء التجنيد لتشكيل قوة عسكرية خاصة بالحلف.
وفي مسعى لتهدئة الخواطر تمّ ربط المبادرة باسم العضو في مجلس القيادة فرج البحسني كونه من الوجوه ذات الشعبية في حضرموت نظرا لدوره السابق كقائد عسكري في تحقيق استقرار المحافظة، وأيضا دوره كقائد للسلطة المحلية حين شغل منصب المحافظ في التنمية وتحسين الخدمات.
وقالت وسائل إعلام محلية إنّ مبادرة الرئاسي جاءت بناء على توصيات تقدّم بها البحسني. وتضمنت خطّة تطبيع الأوضاع في حضرموت، اعتماد عائدات بيع النفط الخام الموجود في خزانات الضبة والمسيلة لإنشاء محطتين كهربائيتين جديدتين في ساحل ووادي حضرموت، واستيعاب أبناء المحافظة في القوات المسلحة والأمن وفقا للقانون، والوقوف على قضايا الفساد المنسوبة لشركة استكشاف وإنتاج البترول بترومسيلة، ودعم وإسناد الجهود لتوحيد وحشد أبناء حضرموت ومكوناتهم كافة، وتعزيز شراكتهم العادلة في هياكل الدولة وأي استحقاقات سياسية قادمة.
كما تضمنت في سياق تحسين الجوانب الخدمية إنشاء مستشفى عام في منطقة الهضبة من عائدات قيمة الديزل المخزون في شركة بترومسيلة، بالإضافة إلى إدارة كافة العوائد المحلية والمركزية لصالح تنمية وإعمار المحافظة وفقا لخطة تنموية مشتركة مع الحكومة، ومجتمع المانحين الإقليميين والدوليين.
ولما كان الهدف هو وقف الحراك الاحتجاجي المتدرّج والنأي عن محاذير العنف، فقد ورد في آخر نص المبادرة أنّ هذه الإجراءات تقتضي “ترحيب السلطة المحلية وكافة المكونات الحضرمية بالقرارات المتفق عليها وإنهاء المظاهر الاحتجاجية تمهيدا لإجراء إصلاحات شامله تعيد لمحافظة حضرموت وضعها الطبيعي كقاطرة للتنمية والاستقرار.”
ولم تتأخر القوى القائدة للاحتجاجات في التفاعل مع مبادرة الرئاسي اليمني حيث وصفها حلف قبائل حضرموت بالخطوة في الاتجاه الصحيح. ورحب حلف القبائل بالمبادرة واعتبرها خطوة في الاتجاه الصحيح. وقال الناطق الرسمي للحلف الكعش سعيد السعيدي في تصريح صحفي “تلقينا صدور مصفوفة من المعالجات في الشأن الذي يخص استحقاقات حضرموت من مجلس القيادة الرئاسي المعلن عنها في البيان الصادر عبر وسائل الإعلام الرسمية.” وأضاف أنه “سيتم عقد لقاء في القريب العاجل لمشايخ القبائل والوجهاء والشخصيات الاعتبارية ورؤساء المكونات السياسية والمجتمعية للتشاور وتدارس الموقف.”
وعلّق البحسني على التفاعل الإيجابي للقوى الحضرمية مع خطة المجلس الرئاسي وكتب في منشور عبر حسابه في منصّة إكس “لقد أثبتت كافة القوى السياسية والمجتمعية والقبلية في حضرموت مستوى عاليا من الوعي ومسؤولية تجاه المصفوفة من المعالجات والقرارات التي اتخذها مجلس القيادة والتي تهدف إلى تطبيع الأوضاع ومعالجة الأزمة التي تمر بها حضرموت.”
وأضاف “تجسد هذا الوعي بشكل جليّ من خلال البيانات التي أصدرتها هذه القوى والتي عبّرت عن ترحيبها بهذه المصفوفة من القرارات كما ثمّنت الجهود المبذولة لتحقيق مصالح أبناء حضرموت الذين كانوا دوما في طليعة من يسعى لتحقيق الاستقرار والتنمية”، داعيا إلى مضي المحافظة “نحو التنمية والتكامل والتكاتف والحفاظ على الأمن والاستقرار.”