آخر تحديث :الخميس - 23 يناير 2025 - 08:43 م

كتابات واقلام


محافظة البيضاء وتغوّل الحوثيين

الخميس - 23 يناير 2025 - الساعة 03:32 م

صالح ابو عوذل
بقلم: صالح ابو عوذل - ارشيف الكاتب


في مثل هذه الأيام من عام 2015م، كانت أذرع إيران في اليمن تقترب من محافظة البيضاء، تلك المحافظة التي صمدت لأسابيع تقاوم الهجمات الشرسة، قبل أن تسقط في أواخر فبراير من العام ذاته. كانت أيامًا عصيبة عاشها الجنوب، حين وصلت جحافل الاحتلال الجديد إلى مكيراس، ومنها إلى لودر وأبين وحتى العاصمة عدن.

أتذكر تلك الحرب وأنا أتابع ما يتعرض له سكان "حنكة آل مسعود" اليوم من إرهاب مستمر، طال النساء والأطفال والشيوخ تحت ذريعة محاربة "الدواعش"، وسط صمت مريب على المستويين المحلي والإقليمي.

لو سألت أحد أبناء البيضاء: "ماذا أصاب القبائل هناك؟ لماذا لم تساند آل مسعود في رداع؟"، لربما أجابك: "القبائل لا حول لها ولا قوة".
البيضاء تعاني من عقدة "التوغل الإمامي"، فهي أشبه بـ"جنوب مصغّر". الجنوبيون الذين تقاتلوا على السلطة في عام 1986م ذهبوا جميعًا - المنتصر والمهزوم - صوب صنعاء. قبلهم، حدث أمر مشابه عندما استنجد السلطان حسين الرصاص بالإمام بعد خلافه مع مشيخة الحميقاني. لم يكن رد الإمام إلا اجتياح البيضاء، ليطرد السلطان نحو سلطنة العوذلي المجاورة في مكيراس.
لو أن السلطان الرصاص وقّع اتفاقية حماية مع بريطانيا في عدن، لما احتل الإماميّون البيضاء بجيش جرار، أرسى فيها سياسات النهب والسلب التي طالت كل شيء، حتى بيض الدجاج.
ولو أن الجنوبيين لم يختلفوا ولم يتصارعوا على السلطة، وتساموا على الخلافات، وقرروا عدم تكرار "احداث قحطان الشعبي وسالم ربيع علي"، لما حدث اليوم ان الامامة الجديدة تهدد الجنوب مجددا، وهذه المرة بنزعة انتقامية أكبر من السابق.

إن دعم أي انتفاضة مسلحة في محافظة البيضاء بات ضرورة ملحة، حيث لا تزال البندقية حاضرة في مواجهة قوى التوسع الحوثي. فاستقرار الجنوب يبدأ من تأمين مناطق رداع التي تشكل نقطة استراتيجية في مواجهة هذا الخطر المتزايد.

إن الخذلان الذي تتعرض له القبائل في رداع يمكن أن يتكرر في أي منطقة، إذا لم يكن هناك تحرّك عسكري وقبلي موحد لردع هذه الجماعات المسلحة الإرهابية.
أكتب هذه الحروف بعد ساعات من هجمات شنها الحوثيون على قوات جنوبية ترابط في عقبة ثرة الواصلة بين لودر ومكيراس، وهنا أود التأكيد على أن البيضاء أولوية جنوبية في المرحلة القادمة، فتحرير هذه المحافظة حماية لأبين وشبوة وعدن من الأذرع الإيرانية والجماعات المتطرفة.

#صالح_أبوعوذل