آخر تحديث :الخميس - 23 يناير 2025 - 10:26 م

كتابات واقلام


توجهات ترامب القومية والمنظومة الدولية

الخميس - 23 يناير 2025 - الساعة 07:30 م

فتاح المحرمي
بقلم: فتاح المحرمي - ارشيف الكاتب


في الوقت الذي تضمن خطاب تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، بعض الرسائل للخارج والتي مزجت بين التصعيدية فيما يخص الشأن التجاري وفرض قيود جمركية، وقناة بنما، والتهدئة فيما يخص مساعيه لإحلال السلام وانهاء الحروب، إلى أن هذا الخطاب غلب عليه التوجهات القومية الأمريكية، والتأكيد على ذلك في أكثر من مجال وملف وعلى المستوى الداخلي والخارجي.
الطابع القومي الذي غلب على خطاب ترامب رئيس الدولة - القطب الأحادي الذي يقود العالم - لربما يكون طبيعي، حيث أنه ليس الوحيد في هذه المرحلة التي تشهد فيها تصاعد للتوجه القومي على مستوى القوى الكبرى والقوي الإقليمية وحتى على مستوى دول أقل من الإقليمية، وهذه الصعود لا يختص بالتنافسية بين الأقطاب الكبرى الحليفة، بل حتى على مستوى التنافس بين الحلفاء أنفسهم.
وللتوضيح أكثر عن تصاعد الطابع القومي نذكر بعض الأمثلة ومنها بريطانيا التي انسحبت من الاتحاد الأوروبي من أجل الاستقلال بقرارها والسعي لاستعادة مكانتها ، وكذا روسيا التي استشعرت الخطر الغربي واستبقته بعملياتها العسكرية في أوكرانيا دفاعاً عن نفسها وسعياً نحو استعادة موقعها كقطب منافس، كذلك الحال بالصين التي تواصل التقدم في المنافسة الاقتصادية مع أمريكا منفردة عن بعض حلفائها أو محورها، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي الذي بدأ ينتهج سياسة خارجية منفردة ومن الدول المؤثرة فيه بعيداً عن الحليف الأمريكي، وعلى مستوى الإقليمي نلاحظ إيران وتركيا كلا يتمترس قومياً في محاولة لاستعادة أمجاد ماضية، وكذلك إسرائيل التي تلوح بين الحين والآخر بدولتها الكبرى.
وعلى الرغم من أن الحكم على توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة سابق لأوانه، إلى أنه وفي حال تم السير عليها مستقبلاً يعني المضي نحو تصعيد التوجهات القومية بشكل عام في العالم نظراً للتأثير العالمي الأمريكي، وبالتالي تبرز وتتقدم لتكون من أبرز القضايا والتحديات التي يواجهها العالم مستقبلاً.
وبمعنى أوضح يمكن الإشارة إلى أن خطر تصاعد التوجهات القومية يتمثل في الابتعاد عن العمل الدولي الجماعي والإدارة الدولية، إلى عمل انفرادي لكل قوة على حدة، ما يزيد من التنافسية العالمية بصورة انفرادية من القوى الكبرى والإقليمية ويرجح عودة الصراعات بقوة على المصالح والنفوذ، وحينها تكون الانعكاسات على الجميع، الأمر الذي يتطلب خفض تلك التوجهات القومية والعمل على تعزيز توجهات العمل الجماعي في إطار المنظومة الدولية - الإدارة الجمعية - (الأمم المتحدة)، ومحاولة الإصلاح فيها بدلاً من تحجيمها وتصعيد القومية، سيما وهي ذات أهمية للكل شعوباً ودول، حيث أثبتت التحولات التاريخية أن الدول لا يمكن أن تستقر الا في ظل منظومة دولية تدير وتنظم العلاقات بين الدول في مختلف المجالات.


23 يناير 2025م