آخر تحديث :الإثنين - 30 ديسمبر 2024 - 10:52 م

تحقيقات وحوارات


عدن تحت وطأة غضب الأسعار وتأثيرات الأزمة الاقتصادية على المواطنين الفقراء

الأحد - 29 ديسمبر 2024 - 12:20 ص بتوقيت عدن

عدن تحت وطأة غضب الأسعار وتأثيرات الأزمة الاقتصادية على المواطنين الفقراء

تحقيق / علياء فؤاد

عدن تحت وطأة غضب الأسعار وتأثيرات الأزمة الاقتصادية على المواطنين الفقراء


- عدن في قلب الأزمة الاقتصادية: كيف يقاوم المواطنون موجة الغلاء؟


- ارتفاع الأسعار يفاقم معاناة الأسر الفقيرة


ـ تداعيات الأزمة الاقتصادية في عدن:

تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر الفقيرة






في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مدينة عدن، يعاني الكثير من السكان من موجة غلاء غير مسبوقة في أسعار السلع والخدمات الأساسية. هذا الارتفاع في الأسعار أصبح يشكل تهديداً مباشراً على قدرة الأسر الفقيرة على تلبية احتياجاتهم اليومية، من الغذاء إلى الرعاية الصحية والتعليم. تتسبب هذه الأزمة في تزايد معاناة المواطنين الذين يواجهون تحديات اقتصادية هائلة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية المحلية.

يهدف هذا التحقيق الصحفي الاجتماعي والاقتصادي إلى استعراض أبعاد قضية الغلاء، وتحليل أسبابها، واستشراف الحلول و إلى تسليط الضوء على آثار هذه الزيادات على الأسر الفقيرة، بالإضافة إلى تحليل الأسباب الاقتصادية التي تقف وراءها، واستخلاص الحلول الممكنة من خلال وجهات نظر الخبراء، التجار، والمسؤولين الحكوميين.



دور إدارة الرقابة في حماية المستهلك وضمان سلامة الأسواق:


عمر عباد مدير إدارة الرقابة والتفتيش وحماية المستهلك

نشكر لكم تواصلكم واهتمامكم بنقل أعمال مكتب الصناعة والتجارة في عدن. آلية العمل في المكتب تبدأ بالتأكد من سلامة المنتجات وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي، حيث يتم فحص المنتجات للتأكد من خلوها من أي تغيرات في اللون أو الرائحة، مع ضمان التزامها بشروط التخزين الملائمة، خصوصًا للمواد التي تحتاج إلى ظروف خاصة.

فيما يتعلق بعمليات الضبط الميداني، يقوم مندوبو المكتب وموظفو المديريات بتنفيذ نزولات يومية إلى الأسواق لمراقبة المحلات التجارية والتأكد من التزامها بالإشهار والبيع بالأسعار المعلنة. في حالة عدم وجود إشهار للأسعار أو البيع بأسعار غير مشهرة، يتم تحرير مخالفات. كما يتم اتخاذ الإجراءات بحق المحلات التي تبيع مواد غير صالحة للاستهلاك بسبب انتهاء فترة الصلاحية، أو التلف الناتج عن سوء التخزين، أو العيوب التصنيعية، أو ظروف العرض غير المناسبة، مثل اللحوم التي تظهر عليها تغيرات بسبب سوء التبريد. في مثل هذه الحالات، يتم تحريز المواد وسحبها من الأسواق وإعداد محاضر ضبط شاملة.

أما في قضايا التعدي على العلامات التجارية، فعند تلقي شكوى من أصحاب الحقوق بشأن تقليد المنتجات أو بيعها دون إذن مسبق، يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة عبر النزول إلى المحلات، تحريز السلع المخالفة، وإعداد المحاضر التي ترفع إلى مكتب وزارة الصناعة في عدن وإدارة الرقابة.

بعد تحليل المخالفات والتأكد من استيفائها لجميع الشروط، تُحال إلى مدير مكتب وزارة الصناعة والتجارة بعدن أو نائبه للمصادقة عليها. ومن ثم تُرفع إلى نيابة الصناعة والتجارة لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.

يؤكد المكتب التزامه الكامل بمراقبة الأسواق واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على حقوق التجار والمستهلكين وضمان جودة المنتجات المعروضة في الأسواق.



تأثير الأوضاع الاقتصادية على الأسعار من وجهة نظر التاجر:

كارم يحيئ السراري أحد المستوردين المواد الغذائية

ارتفاع الأسعار يعود لعدة أسباب رئيسية، وأهمها انهيار العملة المحلية. وهذا يشكل المشكلة الكبرى، حيث يصعب إيجاد حل لها في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، خاصة مع اعتمادنا على السياسات الحرة وعدم وجود مؤشرات لتصدير النفط والغاز. بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع في اليمن والحرب قد زادا من أجور النقل البحري، مما رفع التكاليف بشكل عام.

أسعار المواد المستوردة أيضًا تتأثر بعوامل العرض والطلب، حيث تتفاوت الأسعار بناءً على توقيت الحصاد، مما يعني أن الأسعار ترتفع مع انتهاء الموسم. كما أن الحروب والمشاكل الإقليمية، مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لعبت دورًا كبيرًا في رفع أسعار بعض المواد مثل القمح والزيوت.

ومن ناحية أخرى، هناك زيادة في الجبايات الداخلية في بعض النقاط، مما يؤدي إلى رفع التكاليف غير المحسوبة بعد وصول البضاعة إلى المخازن.

تجمع هذه العوامل يساهم بشكل كبير في رفع الأسعار، مما يدفع المستهلك للبحث عن بدائل أرخص أو تقليل مشترياته بسبب تدني الدخل والتضخم الناتج عن انهيار العملة.

كما أن توقف الرواتب أثر بشكل ملحوظ على القدرة الشرائية، مما دفع بعض التجار إلى تغيير أنشطتهم التجارية أو البحث عن طرق أخرى للحفاظ على رأس المال.

ان العملية التجارية داخل البلد تبدأ من المستورد الذي يستورد البضاعة من الخارج أو المصنع الذي ينتج المواد محليًا. ثم يقوم كلاهما ببيع بضاعته إلى تجار الجملة أو وكلائهم، السوبر ماركت، البقالات، المطاعم، أو أي منافذ بيع أخرى مثل الأكشاك والجمعيات الخيرية.

في النهاية، نحن نعي تمامًا معاناة المواطن ونتألم لما يحدث. وفي بعض الأحيان، يحاول التجار تلبية احتياجاته من خلال توفير سلع تتناسب مع دخله، لكن للأسف الجميع يعاني من تداعيات التضخم، سواء المواطن أو التاجر.




معاناة نازح من الحديدة مع غلاء المعيشة وتأثيره على الحياة اليومية:

محمد سالم محمد سالم، نازح من الحديدة، يتحدث عن معاناة النزوح التي تفاقمت مع ارتفاع الأسعار، قائلاً:

نحن مثل كل النازحين الذين تأثروا بارتفاع الأسعار، مما انعكس سلباً على وضعنا المعيشي مادياً وصحياً وتعليمياً. لم نعد قادرين على شراء أبسط الاحتياجات الأساسية من الطعام، وأصبحنا نكافح لتوفير أدوية مثل أدوية القلب وغيرها. إضافة إلى ذلك، اضطر بعض أبنائنا إلى ترك مقاعد الدراسة بحثاً عن فرص عمل لتأمين لقمة العيش.



دعوة للاستقرار الاقتصادي وحلول تحفظ كرامة الفقراء:


عطيات محمد زهير تقول:

القليل فقط من البسطاء يحصلون على المساعدات، لكنها ليست كافية لتلبية احتياجاتهم. نحن بحاجة إلى استقرار العملة، لأن بتحقيق ذلك ستتحسن أحوال الناس. كما يجب إيجاد حلول تحفظ كرامة الفقراء، بحيث لا يضطرون إلى مد أيديهم للآخرين طلباً للمساعدة.

تأثير غلاء الأسعار على معيشة الفقراء والتعليم:

عبد الحليم أحمد محمد يصف معاناة الفقراء قائلاً:

أصبحنا اليوم نضطر إلى تقليل عدد الوجبات اليومية بسبب غلاء المعيشة، ولم نعد قادرين على تحمل مصاريف تعليم أبنائنا. ارتفاع الأسعار في كل شيء أجبرنا على تقليل احتياجاتنا الأساسية، حتى لم يعد بإمكاننا شراء الضروريات والأمور الأخرى التي كنا نعتمد عليها.


تحليل اقتصادي لأسباب الأزمة وتداعياتها على الأسر الفقيرة:

د. محمد صالح الكسادي خبير مساعد محلي اقتصادي:

الدكتور محمد صالح الكسادي تحدث عن الأزمة الاقتصادية التي تعصف باليمن وتأثيرها الكبير على الأسر الفقيرة، حيث أوضح أن الأسباب الرئيسية للأزمة تعود إلى الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي، توقف تصدير النفط، وقلة الصادرات، كما أشار إلى أن البنك المركزي يعاني من نقص في العملات الصعبة، مما أدى إلى صعوبة تمويل الاستيراد، خاصة وأن السوق يعتمد بشكل شبه كامل على المواد المستوردة.

ووضح أن الصراع السياسي المستمر، خصوصًا بين مناطق سيطرة الشرعية والحوثيين، وارتفاع تكاليف النقل والشحن عبر البحر الأحمر، قد عمّق الأزمة الاقتصادية.

وأضاف أن الحرب المستمرة لعشر سنوات أدت إلى غياب الاستقرار وانعدام الحلول الفعّالة، مما زاد من تدهور الاقتصاد.

وأشار الدكتور إلى عجز الحكومة عن تسديد الرواتب في مواعيدها، الأمر الذي فاقم الأوضاع المعيشية للأسر الفقيرة، التي أصبحت تعاني من تراجع قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية، حيث يعتمد البعض على وجبة واحدة في اليوم، كما أن البطالة ارتفعت بشكل كبير، وأصبحت فرص العمل شبه معدومة، مما جعل هذه الأسر ضحية للأزمة الخانقة.

وحذر من أن بعض الجهات غير المشروعة قد تستغل هذه الظروف لاستقطاب الأسر الفقيرة لأغراض ضارة، و أشار إلى توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك الإنتاجية والعقارية.

ختم الدكتور حديثه بالقول إن انخفاض العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية أدى إلى تضخم كبير وارتفاع في أسعار السلع الأساسية، مما زاد من صعوبة الوضع الاقتصادي والمعيشي للأسر في اليمن.


تأثير ارتفاع الأسعار على الطبقات الاجتماعية والأسر الفقيرة:


افتخار عبد الحليم الزغير مدير عام الأرقام القياسية لدى الجهاز المركزي للإحصاء بعدن تحدثت قائلة:

ارتفاع الأسعار يؤثر سلبًا على القدرة الشرائية للأسر الفقيرة، مما يؤدي إلى تدهور مستوى معيشتها وزيادة الضغط على دخلها، بحيث تصبح غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية من غذاء، سكن، رعاية صحية، وتعليم. ومع استمرار ارتفاع الأسعار، تصبح الأسر الفقيرة أكثر عرضة للانزلاق إلى الفقر المدقع. هذا الوضع يؤدي بدوره إلى زيادة الفجوة الاجتماعية بين الطبقات، حيث يتسع التفاوت بين الأثرياء والفقراء. كما أن دخل الأسر غالبًا ما يكون غير كافٍ لتغطية تكاليف المواد الغذائية الأساسية، مما يزيد من معاناتها اليومية.

وتدهور العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة، مما يساهم بشكل مباشر في زيادة معدلات التضخم. كما أن انخفاض قيمة العملة يرفع من تكلفة السلع في السوق المحلية، مما يزيد من الأعباء المعيشية على المواطنين، حيث يضطرون لدفع مبالغ أكبر لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المعيشة واستمرار التضخم.

كل هذه العوامل مجتمعة تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني وحياة الأفراد، خاصة الأسر الفقيرة التي تتحمل العبء الأكبر.



خاتمة

إن ارتفاع الأسعار في عدن ليس مجرد مشكلة اقتصادية، بل هو أزمة إنسانية تهدد حياة الأسر الفقيرة وتزيد من معاناتهم اليومية، ومع استمرار التحديات التي يواجهها المواطنون، تبرز الحاجة الملحة إلى تبني حلول فعّالة ومستدامة تتجاوز الأزمات اللحظية لتصل إلى معالجة جذرية للأسباب الاقتصادية التي تقف وراء هذه الزيادات، و لا يمكن للمجتمع أن يواجه هذه المعضلة إلا بتعاون جميع الجهات المعنية من الحكومة إلى القطاع الخاص والمنظمات الإنسانية من أجل بناء بيئة اقتصادية أكثر عدلاً واستقراراً.


إن تصحيح المسار الاقتصادي يتطلب الإرادة السياسية، التخطيط الاستراتيجي، وتقديم الدعم الحقيقي للأسر التي أصبحت في مواجهة غير عادلة مع غلاء الأسعار، فقد حان الوقت لنسعى معًا نحو غدٍ أفضل، حيث يكون المواطنون في عدن قادرين على العيش بكرامة، بعيدًا عن ضغوط الأسعار التي لا ترحم.