آخر تحديث :الأحد - 12 يناير 2025 - 02:35 م

كتابات واقلام


المستقبل .. عنوان وهدف وطني وأخلاقي عظيم للتصالح والتسامح

الأحد - 12 يناير 2025 - الساعة 11:51 ص

صالح شائف
بقلم: صالح شائف - ارشيف الكاتب


عندما أحتضنت جمعية أبناء ردفان في عدن عاصمة الجنوب السياسية ومركز قراره الوطني؛ يوم 13 يناير عام 2006؛ كوكبة كبيرة تميزت بحس وطني بعيد النظر؛ وبالوعي والشجاعة الذي جسده من حضر من الوطنيين الجنوبيين الغيورين على مصير شعبهم وحريته؛ لم يكن في ذهنهم التوقف أمام قضايا الماضي والبحث عن سبل معالجتها؛ بل كان هدفهم الأوحد هو التحرك إلى الأمام وتجاوز محطات الماضي السلبية؛ بعملية وطنية تسامحية وتصالحية شاملة.

فقد شكل ذلك اللقاء الوطني منطلقًا تاريخيًا وأرضية صلبة لإنطالق المارد الجنوبي في 7/ 7 / 2007 ومن ساحة العروض التي غدت ساحة ورمزًا للحرية في قلب العاصمة عدن؛ وهو النهج الذي ينبغي الحفاظ عليه وتجسيده دومًا في حياتنا السياسية والعملية وعلى صعيد علاقاتنا الإجتماعية.

فإذا لم يكن المستقبل هو الهدف الحقيقي والهم الأكبر لكل الجنوبيين الأوفياء لتاريخ شعبهم وحريته وقضيته الوطنية؛ فلن ننتصر لأهدافنا الوطنية الكبرى وكما ينبغي لنا أن نحققها؛ لأن الماضي قد أصبح تاريخًا ولا يجوز إستحضاره في معركة الحاضر التي نخوضها من أجل الغد المأمول الذي يستحقه شعبنا ويليق بعظمة كفاحه الوطني وتاريخه الممتد.

والمتاح لنا هو الإستفادة من دروسه وعبره الغنية التي مر بها شعبنا جراء بعض الأحداث المؤلمة والمؤسفة؛ وهي التي وضعت أسباب العداوات والخصومات؛ وزرعت بذرة الحقد وروح الإنتقام في النفوس؛ ولونت الذكريات بلون الدم والدموع والأوجاع في تلك الأيام التي عاشها الناس - قبل وبعد الاستقلال الوطني - ويشكل مجرد تذكرها اليوم نوعًا من الحزن والحسرة عند من عاشوها؛ ولا يتمنون حدوثها مرة أخرى؛ لا في حياتهم ولا في حياة الأجيال القادمة.

وهي العبر والدروس التي لن نتعلمها من أمهات الكتب؛ ولا من أرقى الأكاديميات أو مدارس الوعظ التنويري والتهذيب الأخلاقي؛ ولذلك فالتفكير الإيجابي والإنحياز للمستقبل هو وحده من سيوحد الجميع في ميادين الوفاء لشعبهم والدفاع عن حاضره ومستقبل أجياله القادمه.

فالمرحلة التاريخية التي يمر بها الجنوب تتطلب بالضرورة أن يراجع البعض حساباتهم؛ وأن يغادروا وبصدق وضمير وطني مربعات التمترس خلف أحداث مضت؛ أو جعلها وسيلة للنيل من الحاضر ولغايات خاصة تلحق الأذى بالذات الوطنية الجامعة.

لأن مثل هذا الأمر ليس مجرد سلوك ضار بالمجتمع الجنوبي؛ بل إنه ( مرض سياسي ) مقيم في نفوس هذا البعض من الجنوبيين كما يبدو مع الأسف الشديد؛ وهو أيضًا حالة مثالية يتسلل منها أعداء الجنوب لضرب الجنوبيين ببعضهم؛ وله تبعاته وتداعياته على مسيرة ووحدة شعبنا الوطنية؛ ويؤثر سلبًا وبصورة كبيرة وخطيرة على النسيج الوطني والإجتماعي؛ فعند التخلص من هذه الحالة ( الماضوية ) سيتمكن الجنوب من المضي قويًا وموحدًا نحو المستقبل الآمن والمزدهر؛ المتحرر من أحمال الماضي الثقيلة التي كلفت شعبنا كثيرًا.

وهو ما لا ينبغي السماح بإستمراره اليوم وضرورة فضح هؤلاء؛ وبما يضع حدًا لسلوك ورغبات هذا البعض ممن يستجرون الماضي ولأهداف وحسابات خاصة؛ لا علاقة لها بمصير شعبنا ومستقبله؛ وحقه بالعيش الكريم والآمن في وطن تسوده الأخوة والود والوئام والمحبة.