آخر تحديث :الأربعاء - 15 يناير 2025 - 01:32 ص

كتابات واقلام


جزيرة سقطرى ورجل الكهف

الإثنين - 13 يناير 2025 - الساعة 11:26 م

حكيم الشبحي
بقلم: حكيم الشبحي - ارشيف الكاتب


جزيرة سقطرى هذا الكنز الفريد تمتاز بتنوعها الطبيعي والثقافي الذي جعلها من أبرز وجهات السياحة البيئية على مستوى العالم. من الشواطئ البيضاء الساحرة إلى الكهوف الغامضة والبحيرات العذبة والنباتات النادرة التي لا توجد إلا في سقطرى. ورغم هذا الإرث العظيم برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة اختزال الجزيرة بمعالمها الساحرة في شخصية واحدة فقط وهي "رجل الكهف" وكأن هذه الجزيرة الرائعة تفتقر إلى ما يستحق الإشادة.


رجل الكهف هو جزء صغير من المشهد السياحي في سقطرى ولكنه تحول فجأة إلى محور الاهتمام ليس بسبب دوره كمعلم سياحي فريد وإنما نتيجة الترويج المكثف له عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلته ترندا يسعى الجميع للحديث عنه والتقاط الصور معه. هذا التركيز على "رجل الكهف" قد يغفل أن الجزيرة تزخر بمئات المواقع التي تستحق الزيارة وهو ما يجعل تسليط الضوء على شخص واحد فقط تقليلا من قيمة الجزيرة وموروثها المتنوع .

فهي مشهورة عالميا و كل المعلومات عنها موثقه باللغتين العربية والإنجليزية وربما اكثر فمن يبحث يجد كل شي عنها كذلك عرضت استطلاعات كثيرة عنها في قنوات عربية واجنبية . اما رجل الكهف فكان له نصيب من الشهرة ربما كان الغرض منها مزيدا من المشاهدات والاعجابات .

و من اللافت أن الأجانب كانوا أكثر قدرة على تقديم صورة شاملة عن سقطرى فقد نشروا صورا ومقاطع فيديو عن كل معلم سياحي بدءا من الأشجار والنباتات النادرة مرورا بالطيور والشلالات والجبال وصولا إلى الحياة اليومية للسكان البسطاء كالصيادين والنساء والأطفال.
بفضل هذه الصور والقصص باتت سقطرى معروفة عالميا بجمالها الطبيعي وخصوصيتها الثقافية.

في الوقت الذي كان ينبغي لوسائل التواصل الاجتماعي أن تكون منصة لنشر الوعي بجمال سقطرى تحولت لدى البعض إلى وسيلة لتحقيق الشهرة الشخصية وزيادة المتابعين.
باتت المنشورات عن رجل الكهف وسيلة لجذب الإعجابات دون تقديم صورة متكاملة عن الجزيرة وما تحتويه من معالم.
والمفارقة أن هذا الاهتمام أحيانا لا يهدف إلى إبراز قيمة الرجل أو دعم السياحة بل فقط لركوب موجة الشهرة التي أصبحت هوسا لدى الكثيرين.

بينما يهرع البعض لدعم رجل الكهف ماديا ومعنويا كان الأجدى توجيه هذا الدعم نحو المشاريع والمبادرات التي تهدف إلى حماية الطبيعة وتعزيز البنية السياحية في الجزيرة. مثلا أصحاب المشاتل الذين يعملون على الحفاظ على النباتات النادرة أو أولئك الذين يقدمون خدمات للسياح ويساهمون في إبراز جمال سقطرى بطرق مستدامة هم أكثر استحقاقا للدعم.


سقطرى ليست مجرد موقع سياحي بل هي منظومة بيئية وثقافية متكاملة. إبراز رجل الكهف كشخصية سياحية قد يكون أمرا إيجابيا ولكنه لا يجب أن يأتي على حساب الجزيرة ككل. نحن بحاجة إلى وعي أكبر يبرز الجوانب المختلفة لهذه الجزيرة سواء طبيعتها الفريدة أو سكانها وثقافتهم الأصيلة.

علينا أن نعيد النظر في طريقة تقديم سقطرى للعالم. بدلا من التركيز على فرد أو مكان بعينه يجب أن نعمل على تسليط الضوء على الجمال الشامل للجزيرة فالسياح الذين يأتون لزيارة سقطرى لا يبحثون عن رجل الكهف فقط بل يأتون لاكتشاف التنوع البيئي والثقافي المذهل الذي تقدمه الجزيرة.

سقطرى أكبر من أن تختزل في شخص أو معلم واحد هي إرث عالمي يحتاج إلى اهتمام حقيقي وجهود مخلصة تحافظ على قيمته للأجيال القادمة لنحرص على تقديم صورة متكاملة تليق بهذه الجوهرة الجنوبية الفريدة.