آخر تحديث :الجمعة - 17 يناير 2025 - 12:19 ص

كتابات واقلام


مفارقة مؤلمة بين التخمة والجوع

الخميس - 16 يناير 2025 - الساعة 10:06 م

عارف عادل ابو الخضر
بقلم: عارف عادل ابو الخضر - ارشيف الكاتب


في زاوية مظلمة من مدينة عدن، وبالقرب من الخط السريع في منطقة إنماء بجانب إحدى المطاعم ، تتجلى واحدة من أقسى مشاهد الحياة التي تعكس معاناة الفقر المدقع. هنا، تعيش أسرة كادحة في صراع يومي مع الجوع، تُخفي ملامحها عن أنظار المارة، وتنتظر اللحظة التي يخلو فيها الطريق من الناس لتتوجه نحو صندوق القمامة، حيث تُلقي المطاعم والمنازل بقايا الطعام.

تلك الأسرة، المكونة من أم تحمل عبء المسؤولية عن طفلين صغيرين وفتاة تكبرهما قليلاً، تترقب يومياً ما يُلقى من فضلات الطعام. بيدين مرتجفتين وبأعين ترجو الأمل، تفتش في أكياس القمامة بحثاً عن بقايا طعام قد تسد رمق الجوع الذي يفتك بها. مشهد مؤلم يُجسد التناقض بين عالمين: عالمٌ يُلقي ببقايا أطباقه الزائدة في القمامة، وعالمٌ يرى في تلك البقايا كنزاً ثميناً قد يُبقيه على قيد الحياة ليوم آخر.

في مجتمع يعيش فيه البعض حياة من الرفاهية المفرطة حيث تُلقى الأطعمة الزائدة دون تفكير، هناك أسر تُصارع من أجل البقاء، تُقاتل الجوع بعزة نفس رغم قسوة الظروف. إنها مقارنة غير عادلة بين من يملكون فائضاً عن حاجتهم ومن لا يجدون ما يسدّ رمقهم.

هذه القصة ليست مجرد مأساة أسرة واحدة، بل هي صرخة من قلوب الجياع، رسالة تذكّرنا بأهمية الالتفات إلى من حولنا ومساعدة من هم في أمسّ الحاجة. نشكر كل من مدّ يد العطاء والبذل، وكل من أطلق مبادرات لدعم الأسر الفقيرة في ظل هذه الظروف القاسية.

ولا ننسى أولئك الذين يحاولون الحفاظ على كرامتهم، ويبحثون في الظل بعيداً عن أعين الناس. هؤلاء بحاجة إلى أكثر من مجرد طعام، إنهم بحاجة إلى فرصة للحياة بكرامة.