مع تصاعد حدة الهجمات المتبادلة بين ميليشيا الحوثيين وإسرائيل، تتعاظم مخاوف اليمنيين من تأثيرات خطيرة على سلاسل التوريد والإمداد الغذائي.
ويهدد ذلك، بمفاقمة المعاناة الإنسانية في البلد الذي يعتمد 75% من سكانه على المساعدات، جراء عقد من الصراع الداخلي.
ودمّرت إسرائيل في هجوميها الأخيرين، جميع "القاطرات البحرية" التي تتولى عملية سحب السفن والبواخر القادمة إلى ميناء الحديدة الاستراتيجي، المطلّ على مياه البحر الأحمر، والخاضع لسيطرة ميليشيا الحوثيين.
ومنذ بدء عملياتها العسكرية في يوليو/ تموز الماضي، عمدت المقاتلات الإسرائيلية، الى استهداف ميناء الحديدة الرئيس؛ ما أحدث أضراراً في اثنتين من رافعاته الجسرية وحاضنات الوقود المستورد والقاطرات البحرية، في محاولة لتعطيل الميناء الذي يعدّ محطة الاستيراد الوحيدة في مناطق نفوذ الحوثيين، الأكثر كثافة سكانية.
ويتوعد المسؤولون الإسرائيليون، بمعركة واسعة ضد الحوثيين، تستهدف بنيتهم التحتية والقيادية، و"تحوّل صنعاء والحديدة إلى غزة ولبنان"، في سياق الرد على هجماتهم المتصاعدة التي تطال تل أبيب مؤخراً.
قلق أممي
وحذّر منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن جوليان هارنيس، الجمعة، من "تأثيرات إضافية على البنية التحتية المدنية والموانئ والمطارات والطرق، تتسبب في معاناة هائلة للشعب اليمني، في ظل احتمالات اندلاع مزيد من العنف بين أنصار الله وإسرائيل".
وأشار المسؤول الأممي الذي نجا من الضربات التي استهدفت مطار صنعاء الدولي في أثناء استعداده لمغادرة البلاد الخميس الماضي، إلى أن تعطيل ميناء الحديدة، يعني أن سكان شمال اليمن بالكامل، الذين يشكلون ما بين 65 إلى 70% من إجمالي سكان البلد، "سيكونون في حاجة متزايدة للإمدادات الغذائية".
ويستقبل ميناء الحديدة، ما يصل إلى 80% من المساعدات الإنسانية وواردات السلع الغذائية والتجارية؛ ما يجعله شرياناً اقتصادياً مهماً لميليشيا الحوثيين، إلى جانب دوره كمحطة وصول للأسلحة الإيرانية المهرّبة إلى اليمن.
مؤشرات خطيرة
ويرى المنسق العام للجنة العليا للإغاثة في اليمن جمال بلفقيه، أن القصف الإسرائيلي المتكرر على ميناء الحديدة بإمكانياته اللوجستية المتواضعة، سيعطل نشاطه بشكل مباشر؛ ما يؤثر على اليمنيين عامة، سواء في مناطق سيطرة الحوثيين أو مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دولياً.
وقال بلفقيه لـ"إرم نيوز"، إن "إسرائيل متجهة نحو توسيع عملياتها العسكرية في اليمن؛ وهو ما يتضح من خلال هجماتها المتجددة على موانئ الحديدة والضربات التي استهدفت مطار صنعاء أخيراً، في مؤشر خطير على تفاقم الأزمة الإنسانية وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي".
وأضاف أن "عزل هذا الجزء الكبير من البلاد عن العالم، سيحول دون وصول المساعدات الإنسانية والسلع الغذائية والاستهلاكية المختلفة، وسط ارتفاع مستويات المجاعة إلى الدرجة الخامسة، في كثير من مناطق سيطرة الحوثيين".
وأشار بلفقيه، إلى أن "استمرار تعنت ميليشيا الحوثيين فيما يتعلق بعملية السلام الداخلية، ومواصلة ممارساتها التعسفية بحق موظفي المنظمات الأممية والوكالات الدولية الإغاثية، وإصرارها على الانخراط في الصراع الإقليمي، سيقود البلد إلى كوارث غير محمودة العواقب".
قيود حوثية
من جانبه، قال رئيس مركز "الدراسات والإعلام الاقتصادي" مصطفى نصر، إن "ما يحدث من توترات متصاعدة، ودمار في منشآت البلد الاقتصادية وبنيته التحتية الاستراتيجية، يدفع ثمنها المواطن اليمني والقطاع الخاص في مناطق سيطرة الحوثيين".
وذكر في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "أي تعطل في ميناء الحديدة، سيؤدي إلى انتظار السفن فترات طويلة في المياه الإقليمية قبل دخولها إليه؛ ما يعني زيادة إضافية في كلفة الشحن إلى جانب الارتفاع في كلفة التأمين، ومن ثم ينعكس ذلك على أثمان السلع بالنسبة للمستهلكين".
وأشار إلى أن "الموانئ الواقعة في مناطق الحكومة الشرعية، بعدن والمكلا، والمنافذ البرّية، تعمل بشكل طبيعي، ومن المفترض أن يتم استخدامها كمنافذ بديلة لميناء الحديدة حال تعرضه لأي ضرر يخرجه عن الخدمة أو يوقفه بشكل مؤقت".
وفيما يتعلق بالإجراءات التي تفرضها ميليشيا الحوثيين على السلع المستوردة عبر المنافذ الحكومية، أكد نصر أن "على الحوثيين اتخاذ خطوات سريعة وجادة لإلغاء هذه القيود حتى يتمكن التجار من تغطية احتياجات الناس من الغذاء والدواء وغيرهما من الأساسيات، على الأقل خلال هذه المرحلة".
وتجبر ميليشيا الحوثيين، التجار في مناطق سيطرتها، على الاستيراد عبر ميناء الحديدة، وتفرض رسوماً جمركية إضافية على السلع القادمة من موانئ الحكومة الشرعية، إلى جانب جملة من العراقيل، في محاولة لتعزيز مواردها المالية.