آخر تحديث :الأربعاء - 15 يناير 2025 - 01:32 ص

الصحافة اليوم


"تهمة الدواعش".. ذريعة الحوثيين لارتكاب الانتهاكات

الثلاثاء - 14 يناير 2025 - 12:42 م بتوقيت عدن

"تهمة الدواعش".. ذريعة الحوثيين لارتكاب الانتهاكات

تقرير عبداللاه سميح

عادت ميليشيا الحوثيين إلى استخدام مصطلح “الدواعش” كأداة أمنية وسياسية لتبرر ممارساتها العنيفة وانتهاكاتها المروّعة بحق المجتمعات القبلية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.


وتحت ذريعة “ملاحقة الدواعش والتكفيريين”، قتل ما لا يقل عن 30 شخصا من المدنيين والمسلحين القبليين، إثر اقتحام الحوثيين قبل أيام بلدة “حنكة آل مسعود”، شمال غرب محافظة البيضاء، بعد قصف متواصل بمختلف أنواع الأسلحة ومواجهات عنيفة مع عناصر القبائل المقاومة، وسط موجة استنكار واسعة محليا ودوليا.



وعقب اقتحام البلدة، باشرت ميليشيا الحوثيين القيام بعمليات تنكيل بحق السكان، واعتقلت نحو 400 مدني، فيما تعرّض نحو 25 منزلا للتفجير والإحراق والتفخيخ والنهب، وفق بيان للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.


وخلال العام الماضي، شهدت محافظة البيضاء الاستراتيجية، التي تربطها حدود مشتركة مع 8 محافظات أخرى، جرائم وانتهاكات مروّعة مارسها الحوثيون بحق القبائل غير الخاضعة لها، في مديريتي رداع وولد ربيع؛ ما أدى إلى مقتل نحو 20 شخصا وإصابة العشرات.


تجربة إيرانية

وقال وكيل وزارة الإعلام لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، أسامة الشرمي، إن الحوثيين يعملون بشكل متواصل منذ انقلابهم على الدولة، على إحداث تغيير ديمغرافي واسع في اليمن، وتصفية كل المناطق والمحافظات التي وصلت إليها، من القبائل التي لا تؤيدها، ناهيك عن المخالفة لها.


وذكر في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن لدى ميليشيا الحوثيين مخاوف من تحوّل هذه المكونات الاجتماعية القبلية، إلى نواة معارضة مستقبلية أو جيوب مقاتلة ضدها، في حال انطلاق أي عملية عسكرية واسعة.


واعتبر الشرمي أن هذه التحركات هي امتداد لسياسيات مستقاة من التجربة الإيرانية، التي تخلصت من جميع المعارضين لها في الداخل، وتحديدا في منطقة الأحواز التي تتشابه مقاربتها لدى الحوثيين مع محافظة البيضاء اليمنية، باعتبارها أولى المناطق “الشافعية” التي تمتلك القدرة والقوة القبلية من بين المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم.


وأشار إلى استغلال الحوثيين للغطاء الذي وفّرته عملياتهم العسكرية التي يقومون بها في البحر الأحمر، والضربات الغربية المقابلة لها، والهجمات الإسرائيلية، “التي جعلت الحوثي يشعر بأن لديه الفرصة للتخلص من كل المكونات الاجتماعية التي لم تعلن تأييدها الكامل له، ولمنهجه وسياساته وحروبه”.


وأكد أن الحوثيين لن يتوقفوا بعد انتهاء عملياتهم في البيضاء، وستمتد محاولات إخضاع القبائل إلى مناطق أخرى، كما حصل ذلك سابقا في “عتمة” و”حجور” وغيرهما من المناطق اليمنية.


استعطاف دولي

ودأبت ميليشيا الحوثيين منذ سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء في العام 2014، على اتخاذ شعار “الحرب على داعش” واجهة لتسويق تمددها وسيطرتها على المحافظات الأخرى، ومبررا للعمليات العسكرية والأمنية ضد القبائل غير الموالية لها، بهدف إخضاعها وتفكيك روابط ولائها التقليدية.


ويرى المدير التنفيذي لـ”المركز الأمريكي للعدالة” لرصد وانتهاكات حقوق الإنسان، عبدالرحمن برمان، أن الحوثيين يحاولون استعطاف المجتمع الدولي بيأس، من خلال تقديم أنفسهم كمحاربين للإرهاب يلاحقون عناصر مزعومة من تنظيم “داعش”.


وقال برمان لـ”إرم نيوز”، إن مصداقية الحوثيين لدى المجتمع الدولي باتت مفقودة اليوم، “والدليل أن جميع السفارات الأوروبية والولايات المتحدة، أدانت هذه الجرائم، واعتبرتها اعتداء غير مشروع على المدنيين الأبرياء، وهو ما يسقط مبررات الحوثيين أمام العالم”.


وبيّن أن ميليشيا الحوثيين تبتدع بين كل فترة وأخرى مصطلحات جديدة، كالدواعش، والجواسيس، والعملاء، والمرتزقة، وغيرها، وذلك من أجل تقديمها كتهم وذرائع واهية لعمليات القتل والتهجير والنهب والاختطاف التي تمارسها على من لا يواليها ومن يخالف أيديولوجيتها.


انتقام قديم حديث

من جهته، قال الباحث السياسي، عبدالله إسماعيل، إن ما يحدث في البيضاء من مواجهات بين القبائل والحوثيين، “يكشف حقيقة الصراع المتمثل في مقاومة شعبية رافضة لفكر الحوثي الدخيل، واستراتيجية سلالية تهدف للانتقام من المناطق التي رفضت الخضوع قديما وحديثا”.


وأشار إلى أن لدى قبائل البيضاء تاريخا طويلا من المقاومة ضد الحوثيين “وهذه المقاومة تذكير بأن اليمنيين لن يقبلوا أبدا بفكر دخيل يسعى للهيمنة على وطنهم”.


ووفقا لإسماعيل، فإن القبيلة اليمنية لم تجد نفسها إلا في زمن الجمهورية، بينما يتكئ الحوثيون على “فكر عنصري استعلائي متخلف، يرى في اليمنيين عبيدا مهمتهم التسليم بحقهم في الحكم”.