آخر تحديث :الجمعة - 24 يناير 2025 - 01:22 ص

عرب وعالم


تعرف على محاور استراتيجية ترامب التجارية؟

الخميس - 23 يناير 2025 - 04:32 م بتوقيت عدن

تعرف على محاور استراتيجية ترامب التجارية؟

عدن تايم/سكاي نيوز

تنصيب دونالد ترامب رسمياً رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير 2025 يمثل نقطة تحوّل هامة في السياسة التجارية الأميركية؛ ذلك أنه من المتوقع أن تطرأ جملة من المتغيرات الجوهرية على العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبقية العالم.

يهدد الرئيس ترامب الذي عرف بنهجه الحازم في السياسة التجارية خلال فترته الأولى، بإعادة فرض المزيد من الحواجز الجمركية، ما قد يعقّد العلاقات مع كبار الشركاء التجاريين، والشركاء الأقرب مثل كندا والمكسيك، فضلاً عن أوروبا والصين.

في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعزيز مصالحها الوطنية من خلال تقليص العجز التجاري مع بعض الدول، فإن الأسس الحالية لاتفاقيات التجارة الحرة تواجه تحديات كبيرة جراء سياسات ترامب المحتملة.

وعلى الرغم من الحذر النسبي الذي أبداه ترامب، فإنّ السياسات المتشددة التي يتبناها قد تثير ردود فعل تصعيدية على الصعيد العالمي، مما يعيد تشكيل التوازنات التجارية التقليدية، ويزيد من فرص نشوب صراعات اقتصادية قد تؤثر على أسواق المال العالمية وسلاسل الإمداد الدولية.

لم يفرض ترامب أي رسوم تجارية جديدة في اليوم الأول من ولايته الثانية، كما كانت تخشى الأسواق، لكن الرئيس الأميركي وضع المخطط الرسمي لسياسة التجارة "أميركا أولا".

ويشير تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إلى أن الرسالة الرئيسية كانت أن إدارة ترامب مستعدة لاستخدام كل الوسائل لإعادة هندسة تدفقات التجارة لصالحها.. ورصد التقرير خمس نقاط أساسية من "الضربات الأولى لأجندة ترامب التجارية".


أولاً- تعهدات حازمة بفرض الرسوم الجمركية في أقرب وقت ممكن


لم يذكر ترامب الرسوم الجمركية إلا ثلاث مرات في خطاب تنصيبه، الأمر الذي هدأ المستثمرين والشركاء التجاريين الذين حُذروا من توقع فرض الرسوم الجمركية في "اليوم الأول".

لكنه حدد خططا لإنشاء مصلحة الضرائب الخارجية لجمع الرسوم الجمركية، وهو ما يشير إلى خطط جادة لزيادة الإيرادات من التجارة.

وبحسب المدير الأول في مؤسسة أتلانتيك كاونسل البحثية، جوش ليبسكي، فإن قرارات التعريفات الجمركية من المرجح أن تتأخر، ولكن لن يتم التخلي عنها، مضيفاً: "كان الرئيس قلقاً بشأن رد فعل السوق يوم الثلاثاء ولم يكن يريد أن يفسد ذلك يومه الأول".

وكان ترامب قد صعّد من حدة خطابه وهدد مرارا وتكرارا بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على الواردات الكندية والمكسيكية، على الرغم من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. وعندما سُئل عن احتمال فرض رسوم جمركية شاملة على أي شخص يتعامل تجاريا مع الولايات المتحدة، قال الرئيس: "قد نفعل ذلك. لكننا لسنا مستعدين لذلك بعد".

كما كرر ترامب يوم الثلاثاء تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على الصين كوسيلة لمعاقبة بكين على تدفق الفنتانيل إلى المكسيك وكندا. وقال إن هذا قد يحدث في الأول من فبراير.

وحذر ليبسكي من أن "تجربة الولاية الأولى هي توقع فرض الرسوم الجمركية عاجلا وليس آجلا"، مضيفا أن الإدارة ليس لديها فريق اقتصادي كامل في مكانه وتريد إرساء أسس قانونية متينة لأي تحركات.


ثانياً: استهداف الجيران


يعطي ترامب على ما يبدو الأولوية للإجراءات ضد أقرب شركاء الولايات المتحدة التجاريين، حيث قال إنه يستعد لفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك ليتم تطبيقها اعتباراً من الأول من فبراير.

لم يتردد ترامب في ضرب حلفاء الولايات المتحدة في ولايته الأولى، مستشهدا بمخاوف الأمن القومي لفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألومنيوم. ولكن من خلال التحدث علنا ​​عن كندا، يقول المحللون إنه يشير إلى أن أي دولة ليست في مأمن من "رجل الرسوم الجمركية" المعلن عن نفسه.

يشار إلى أن العديد من سلاسل التوريد للشركات المصنعة الأميركية، وخاصة شركات صناعة السيارات تعتمد على العمليات في البلدان الثلاثة، وقد تمارس هذه الشركات ضغوطا على ترامب لسحب تهديداته.


ثالثاً- إصلاح منهجي.. بما في ذلك تجاه الصين


تغطي أجزاء أخرى من سياسة الرئيس الأميركي الوسائل اللازمة لتمكين التحول الشامل في تعاملات واشنطن مع شركائها التجاريين.

وقالت الشريكة في شركة هوغان لوفيلز للمحاماة ومستشارة ترامب التجارية السابقة، كيلي آن شو: "لا أتوقع تعديلات هامشية، بل مراجعة شاملة لمجموعة كاملة من الأدوات التجارية والاقتصادية التي تؤدي إلى اتخاذ إجراءات مهمة".


رابعاً- تسليح التجارة لتحقيق غايات مختلفة


ربط ترامب الرسوم الجمركية بأهداف سياسية أخرى، إلى جانب خفض العجز التجاري.

وعد ترامب بفرض رسوم على منتجات الاتحاد الأوروبي ما لم يشتر أعضاء الكتلة المزيد من النفط والغاز الأميركيين.

اقترح ترامب يوم الاثنين أيضاً أن الرسوم الجمركية على الصين قد تتوقف على اتفاق بشأن ملكية تيك توك. وكان قد قال إنه سيفرض رسوما على الواردات الصينية تصل إلى 100 بالمئة إذا فشلت بكين في الاتفاق على صفقة لبيع ما لا يقل عن 50 في المائة من التطبيق لشركة أميركية.

وفي هذا السياق، قالت رئيسة التجارة الدولية بشركة المحاماة بيكر ماكنزي في ألمانيا، أناهيتا توماس، إن ترامب يستخدم التهديدات بالرسوم الجمركية لتعظيم نفوذه.


خامساً- التعريفات الجمركية "العالمية" والتداعيات العالمية


ارتفعت الواردات الأميركية من دول مثل فيتنام والمكسيك خلال ولاية ترامب الأولى. ويعكس هذا اتجاه الشركات المصنعة الصينية إلى تجاوز الرسوم الجمركية الأميركية من خلال التصدير إلى أميركا عبر دول ثالثة.

أدرك فريق ترامب التجاري هذا الأمر. وقد دعا إلى النظر في تعديلات إضافية للتعريفات الجمركية لمعالجة "التحايل من خلال دول ثالثة".


الضرائب


وتضمنت موجة الإعلانات السياسية خلال الساعات الأولى لعودة ترامب إلى البيت الأبيض تهديدا بمضاعفة معدل الضرائب على المواطنين الأجانب والشركات الأجنبية.

وبحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، فإنه من شأن هذه الخطوة أن تكون بمثابة "رد انتقامي" على البلدان التي يُنظر إليها على أنها تفرض ضرائب "تمييزية" على الشركات الأميركية في الخارج كجزء من سياسة ترامب التجارية "أميركا أولا"، ويُنظر إليها على أنها خطوة يمكن أن تؤدي إلى مواجهة عالمية بشأن الأنظمة الضريبية.

وانسحب الرئيس ترامب فعلياً من اتفاقية ضريبة الشركات العالمية التي تفاوضت عليها إدارة بايدن في العام 2021 مع ما يقرب من 140 دولة. وقال ترامب إن خطة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لفرض معدل ضريبي أدنى عالمي على الشركات بنسبة 15 بالمئة "ليس لها قوة أو تأثير" في الولايات المتحدة.


التأثير على الأسواق


يقول كبير الاقتصاديين في شركة ACY، الدكتور نضال الشعار ، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:


التأثير الاقتصادي لدونالد ترامب على الأسواق العالمية بدأ يظهر حتى قبل توليه منصبه رسمياً في البيت الأبيض.

الأسواق شهدت ارتفاعات كبيرة في بعض القطاعات مثل التكنولوجيا والعملات الرقمية وشركات النفط الخام.

هذا الزخم قد يستمر لفترة قصيرة ولكنه لن يدوم طويلاً.

التأثير الأكبر على الأسواق في المستقبل القريب والمتوسط سيعتمد على مدى تنفيذ ترامب لسياساته الاقتصادية، خصوصاً السياسات الحمائية التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية.

ويشير إلى خطط ترامب لفرض رسوم وضرائب على الدول المجاورة مثل المكسيك وكندا، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والصين، التي تعتبر على رأس قائمة أولويات سياساته الاقتصادية، مؤكداً أن التنفيذ المتوقع لهذه السياسات سيكون تدريجياً وعلى مراحل.

وفيما يتعلق بالتأثير بعيد المدى، يوضح الشعار أن الحزب الجمهوري تاريخياً يدعم الأسواق في البداية، لكن التأثير الإيجابي ليس دائماً مستمراً طوال فترة الحكم، لافتاً إلى أن الزخم الحالي، الذي يُطلق عليه "زخم ترامب"، سيستمر لفترة قصيرة قبل أن تعود العوامل الاقتصادية الأساسية مثل التضخم وسوق العمل وأسعار الفائدة والمعروض النقدي إلى الواجهة.

كما يشير في الوقت نفسه إلى أن قدرة الرئيس ترامب على تحقيق "السلام العالمي"، الذي وعد به خلال حملته الانتخابية وخطابه التنصيبي، ستكون عاملاً مهماً في المستقبل الاقتصادي. ومع ذلك، يبقى موضوع التعريفات الجمركية مع الصين تحدياً رئيسياً نظراً للعداء التاريخي بين البلدين، حيث يتهم ترامب الصين بسرقة التكنولوجيا الأميركية والمنافسة بشكل غير عادل.

ويشدد على أن الفترة المقبلة ستكون متقلبة بسبب القرارات اليومية الكثيرة والمتنوعة التي يتخذها الرئيس ترامب، والتي تجعل من الصعب تتبع آثارها بدقة.


هجوم تجاري


في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، إن:

"الهجوم التجاري" الذي يشنه الرئيس ترامب أدى إلى إرباك في الأسواق المالية".

"لكن لا يمكننا إنكار أن الأسواق كانت تتوقع مثل هذه القرارات التنفيذية منذ بداية ولايته.. سواء كانت هذه القرارات متعلقة بالمكسيك وكندا بزيادة رسوم 25 بالمئة، أو بالصين بنسبة 10 بالمئة في فبراير، والآن تم تحديد أوروبا أيضاً كهدف".

التأخير في هذه الإجراءات جعل الأسواق تتنفس الصعداء مؤقتاً، وشهدنا ارتفاعاً نسبياً في الأسهم في الفترة الأخيرة مع إعلان مشروع الذكاء الاصطناعي ستارغيت بميزانية تبلغ 500 مليار دولار على مدى أربع سنوات.

ويضيف يرق: شهدنا تراجعاً في الدولار الأميركي (..) ولكن هذا الانخفاض قد يكون مؤقتاً.. وإذا استمر رفع الرسوم الجمركية كما هو مخطط له، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الدولار من جديد بسبب الإقبال عليه كملاذ آمن في أوقات الضبابية.


ويوضح أن:


الرئيس ترامب أشار إلى أنه مع بداية شهر فبراير المقبل قد تكون هناك زيادات إضافية في الرسوم الجمركية.

من شأن هذا التصعيد أن يزيد من حالة عدم اليقين والتشتت في الأسواق، ولا يمكننا تحديد الخطوات القادمة بشكل دقيق.

أية خطوة جديدة قد تؤدي إلى تضخم وضغوط إضافية على الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما قد يضطره إلى تأخير خفض الفائدة، وهذا بدوره يضع المزيد من الضغوط على الاقتصاد.

ويشير رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets في السياق نفسه إلى أن الأمر الإيجابي الوحيد هو أن الإدارة الأميركية أشارت إلى أن تطبيق الرسوم سيكون تدريجياً، ما يعطي الأسواق فرصة للتأقلم. ومع ذلك، فإن حالة الانتظار والترقب ستظل سائدة حتى يتم تنفيذ هذه السياسات الحمائية بشكل كامل.. كذلك فإن ردود الفعل الدولية ستكون حاسمة. ويعتقد يرق بأن الفترة من الآن وحتى بداية فبراير ستكون مليئة بالمراقبة الحذرة للأحداث وتداعياتها.