آخر تحديث :الإثنين - 27 يناير 2025 - 04:32 م

كتابات


عندما يصبح العام الدراسي ثلاثة أشهر فقط

السبت - 25 يناير 2025 - 08:46 م بتوقيت عدن

عندما يصبح العام الدراسي ثلاثة أشهر فقط

كتب/ عارف عادل ابو الخضر

في ظل استمرار الأزمة التعليمية الناتجة عن إضراب المعلمين وعدم التوصل إلى حلول جذرية لمعالجة أوضاعهم المعيشية، أعلنت وزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية عن إنهاء العام الدراسي الحالي للصفوف الأساسية والثانوية، مع إعفاء الطلاب من اختبارات الفصل الثاني، باستثناء طلاب الصف الثالث الثانوي.

وبحسب هذا القرار، سيتم احتساب نتائج الطلاب في الفصل الدراسي الأول وضربها في اثنين في المحافظات التي استكملت اختبارات النصف الأول، أما في المحافظات التي لم تختبر، فسيتم اعتماد درجات التحصيل الشهري كبديل. وبذلك، يصبح العام الدراسي فعليًا مقتصرًا على ثلاثة أشهر فقط، مما يثير تساؤلات كبرى حول مصير العملية التعليمية ومستقبل الأجيال القادمة.

التعليم الركيزة الأساسية لبناء الإنسان لا يمكن إنكار أن التعليم هو الأساس الذي تُبنى عليه المجتمعات الناجحة، فهو لا يقتصر على نقل المعرفة فقط، بل يسهم في تكوين الشخصية الأخلاقية والسوية للإنسان، ويؤهله لمواكبة التطور والعمل على تنمية مجتمعه. لكن عندما يتم اختزال العام الدراسي بهذه الصورة، فإننا أمام جيل مهدد بالحرمان من أهم حق له، وهو حق التعليم.

جيل بلا تعليم ملامح المستقبل المظلم ما الذي يمكن أن نتوقعه من جيل حُرم من التعليم المنتظم ؟ الإجابة واضحة ومؤلمة. سيعاني هؤلاء الشباب من غياب الطموح وانعدام الأفق، وستقل قدرتهم على التفكير النقدي والابتكار، مما ينعكس على سلوكهم وتوجهاتهم. التعليم ليس فقط وسيلة للحصول على وظيفة، بل هو الوسيلة الأساسية لخلق أفراد واعين، قادرين على اتخاذ قرارات مستنيرة ومساهمة في بناء مجتمع مستدام.

عندما يُهمل التعليم، فإن البدائل غالبًا ما تكون خطرة، زيادة في معدلات الجريمة، اتساع رقعة الفقر، وضياع القيم الإنسانية والعمل والابتكار. وقد أثبتت التجارب أن التعليم يقلل من انخراط الشباب في سلوكيات سلبية، حيث يصبح لديهم هدف وحافز للإسهام في نهضة مجتمعهم.

وقد أكد الأديب الفرنسي فيكتور هوجو على دور التعليم في تقليل الجرائم وتعزيز الأمن المجتمعي بقوله: «من يفتح باب مدرسة يغلق باب سجن». فالتعليم هو الحصن الذي يحمي المجتمعات من الانحدار نحو الجريمة والفوضى.

لا يمكن الاكتفاء بتقديم حلول مؤقتة للأزمات التعليمية، بل يجب وضع خطط استراتيجية تضمن استمرار العملية التعليمية مهما كانت التحديات. دعم المعلمين وتحسين أوضاعهم المعيشية، توفير بيئة تعليمية ملائمة، والعمل على إشراك المجتمع في دعم التعليم، كلها خطوات ضرورية لمواجهة هذه الأزمة.

التعليم هو اهم ركيزة لنهوض الأمم، وإهماله يعني هدم مستقبل جيل كامل، إن مستقبل طلابنا هو مسؤولية الجميع، وعلينا جميعًا العمل لضمان حصولهم على حقهم الكامل في التعليم.