آخر تحديث :السبت - 25 يناير 2025 - 08:20 ص

كتابات واقلام


بعض عوامل ومتطلبات العبور الآمن الى المستقبل

الجمعة - 24 يناير 2025 - الساعة 09:52 م

صالح شائف
بقلم: صالح شائف - ارشيف الكاتب


التجارب العملية الإيجابية والناجحة للشعوب في مختلف الميادين؛ بقدر ما تشكل إرثًا وطنيًا خاصًا بها؛ بالقدر الذي تشكل فيه هذه التجارب نماذج إنسانية ملهمة ومتاحة لكل من يبحث عن الوصول للنجاح وبأقل الخسائر؛ فالتعلم من تجارب الشعوب يمثل أحد أهم وسائل المعرفة لتجنب الأخطاء وأسباب التعثر؛ ناهيك عن تجربتنا الوطنية؛ فمن لا يستفيد من تجارب غيره يقع في دائرة الأخطاء التي كان بمقدوره تجاوزها أو التقليل من حجمها وتأثيرها.

*لا قيمة للرؤى والبرامج دون بلورتها وتطبيقها*

فتجارب العديد من الشعوب وعلى تعدد وإختلاف ظروفها التاريخية وما مرت به من محطات عصيبة وتجاوزتها بنجاح؛ ستثبت لنا بوضوح من أن نجاحاتها تلك قد أعتمدت أساسًا على تطبيق الرؤى الواقعية والبرامج السياسية والفكرية والتاريخية الشاملة والمتكاملة؛ التي أقرتها قواها السياسية والمجتمعية الفاعلة؛ كوثائق وطنية ومرجعيات إسترشادية حاكمة للعمل الوطني والبناء مرحليًا وإستراتيجيًا؛ مع ما يتطلبه ذلك من تفاعل يقظ وتعامل حذر مع المتغيرات المحيطة لتجنب تداعياتها وأزماتها المحتملة وإدارتها بحكمة؛ ولعل المتغيرات المحيطة بالجنوب وقضيته اليوم بأكثر من صورة؛ تتطلب ما هو أكثر من حظور اليقظة والحكمة معًا.

ودون شك بأن هذه التجارب قد أعتمدت أيضًا على الأفعال الوطنية الناضجة والمتوازنة؛ المجسدة لتلك الرؤى والبرامج وعلى نحو مبدع وخلاق؛ لا وجود فيه للأمزجة والرغبات ( الخاصة ) والعشوائية أو للعتصب والعصبيات المقيتة؛ حين يستحضرها أصحابها للدفاع عن مصالح ضيقة وعابرة؛ وعلى حساب الإنتماء الأعظم والفضاء الوطني الأوسع ومصالح الوطن الدائمة.

*القدوة في السلوك دليل على حضور الضمير والمسؤولية الوطنية*

لقد تمكنت تلك الشعوب من إيجاد النموذج والقدوة على صعيد الممارسة العملية؛ ومكنها ذلك أيضًا من جعل السلوك المنضبط والواعي عند تأدية المهام المناطة بكل من يتحمل مسؤولية قيادية قاعدة راسخة؛ وهو ما ترجم حضور الضمير الحي وطنيًا وأخلاقيًا؛ عند كل من تقدموا الصفوف في ميادين العمل الوطني والسياسي؛ وبشعور كبير بالمسؤولية العالية لديهم.

وهذا بالضبط ما نحتاجه لنتمكن من تحقيق أهدافنا الوطنية الكبرى؛ وهي عوامل وأسس وقواعد ملهمة لمسيرتنا الوطنية اليوم لا ينبغي إغفالها؛ وبغير ذلك ستبقى بعض آمالنا وأهدافنا تراوح مكانها؛ ولن نحققها عبر الخطابات أو البيانات والتصريحات مهما بلغ صدقها وإخلاص قائليها.

ولن ننالها عبر التغني بالشعارات التي لا تجد لها تجسيدًا ملموسّا في حياة الناس اليومية؛ وبما يخلق عندهم روح الوفاء والثقة بقياداتهم الوطنية ويلتفون حولها؛ ويعزز لديهم روح الإنتماء والدفاع عن الوطن والإخلاص في سبيل نهضته.

*الكل معني بالتقييم والمراجعة والتغيير*

إن العبور الآمن لشعبنا نحو المستقبل والانتصار لقضيته الوطنية؛ تفرض على الجميع في الساحة الوطنية الجنوبية؛ التقييم الدائم والمراجعة الجادة والشاملة للمواقف وللأداء بشقيه السياسي والوطني؛ مع ما يرافق ذلك من نصح ونقد لكل من وقف أو يقف خلف التوترات داخل الصف الوطني الجنوبي وبما يضع حدًا لمثل هكذا سلوك.

فأمثال هؤلاء مع الأسف لا يعيشون إلا بممارسة السياسة من بوابة إختلاق الأزمات والدوران حول الذات بحثًا عن مصالحهم الخاصة؛ وقد أدمن البعض منهم البقاء في مربعات الشخصنة والعناد؛ فجبهة الجنوب الداخلية وضمانًا لوحدتها؛ تتطلب التغييرات المناسبة في كل الهياكل القيادية لمكونات الفعل الوطني الجنوبي بكل عناوينها.

فهذا الأمر لا يخص الانتقالي وحده؛ رغم أهمية ذلك وطنيًا وتاريخيًا بحكم تصدره للمشهد السياسي وقيادته للمشروع الوطني الجنوبي في هذه المرحلة؛ وهو ما يحمله مسؤولية إستثنائية على هذا الصعيد بالنظر للظروف البالغة الصعوبة والتعقيد؛ وبالمهام المناطة بدوره وأدائه الوطني.